بقلم: أسامة غريب
يبدو أن تأثر قطاع صناعة الطيران والنقل بفيروس كورونا هو أكبر مما يقدر الجميع، وقد يُلقى توقف الطائرات على الأرض وإغلاق المطارات بظلال كثيفة حول صناعة كانت تدر مبالغ طائلة وتفتح بيوت ملايين البشر العاملين بالطيران والسياحة والفنادق والآثار والمطاعم والترفيه. المشكلة بالنسبة لشركات الطيران كبيرة وفادحة، إذ إن الكثير منها كان يحقق خسائر فى ظل التشغيل الكثيف والمنتظم، فما بالنا بالأمر بعد أن يتوقف التشغيل؟.
من المعروف أن لشركات الطيران نفقات ثابتة ونفقات متغيرة، فأما النفقات الثابتة فمن ضمنها أجور الموظفين وإيجارات المقرات والمكاتب ورسوم مبيت وإيواء الطائرات بالمطارات المختلفة، وكذلك أقساط التأمين على الطائرات.. كل هذه نفقات تتحملها شركات الطيران سواء كانت الطائرة فى حالة التشغيل والقيام بالرحلات أو كانت رابضة على الأرض. أما النفقات المتغيرة فهى مرتبطة بالتشغيل، مثل ثمن الوقود وفواتير الخدمة الأرضية المقدمة للطائرة كالسلالم أو الأنبوب، وثمن الوجبات والبدل النقدى لطاقم الطائرة ورسوم الهبوط وتأجير كاونترات بالمطار وأجور عمال الشحن والتفريغ خارج الديار. هذه باختصار هى النفقات التى تتحملها شركات الطيران بشقيها الثابت والمتغير، وقد درجت الشركات التى تعمل بشكل اقتصادى على اتخاذ قرار بالتشغيل حتى لو كانت حمولة الركاب والبضائع ضعيفة ما دامت الرحلة تغطى التكاليف المتغيرة وجزءًا من الثابتة.
هذا وقد يتصور البعض أن منظمات الطيران الدولية التى تضع القواعد المنظمة للعمل تقوم بضمان العدالة بين الشركات والدول، والحقيقة أن هذا غير صحيح، لأن القوى الكبرى فى العالم تفرض مشيئتها داخل المنظمات الدولية للطيران، كالأياتا والإيكاو، وتضع من المقررات ما يحقق مصالحها بصرف النظر عن مصالح الصغار. هناك أيضًا الشركات المنتسبة لبلاد نفطية غنية، وهذه لا يهمها الربح ولا تعمل بشكل اقتصادى وتحصل من دولها على وقود مجانى، وهذا يضرب بشدة قواعد المنافسة العادلة ويتيح لمثل هذه الشركات الحصول على شهادة ورقية كاذبة من إحدى مجلات الدعاية تشهد بأن شركة كذا هى رقم واحد على مستوى العالم لهذا العام، ويتم عمل بروباجندا كبرى بناءً على الشهادة الرخيصة التى تم دفع ثمنها!.
هذا قليل من كثير تعانيه شركات الطيران التى لا تنتسب إلى دول كبرى ولا تنتمى إلى بلاد نفطية، ولهذا وفى الظروف الصعبة الحالية أتمنى أن تنتبه شركات الطيران إلى أهمية الحفاظ على جداولها الحالية برغم توقف التشغيل، وذلك بسبب وجود مبدأ يجعل الشركة تخسر مواعيد هبوطها وإقلاعها المميزة فى المطارات الأجنبية إذا توقف التشغيل لفترة معينة. من الضرورى أن تتكاتف الشركات لوقف العمل بهذا المبدأ فى الظروف الحالية حتى لا تجد نفسها بعد زوال الغمة قد فقدت المواعيد التاريخية التى داومت عليها لعشرات السنين. وقانا الله وإياكم شر القوى الدولية الكبرى والقوى النفطية الكتيانة اللتين تدهسان الناس الطيبين من أمثالنا!.