بقلم: أسامة غريب
ظهر المضحكون الجدد فى السينما المصرية فى أواخر تسعينيات القرن الماضى، فاكتسحوا السوق وأوقفوا نمو السينما التى كانت موجودة، وقاموا بإقصاء كبار الفنانين وإخراجهم من السوق تمامًا. ليس هذا فقط، وإنما أدت هيمنة الكوميديانات الرجال إلى التهميش التام للأدوار النسائية فى أفلامهم، بحيث إن إحلال أى ممثلة محل أخرى أو حتى حذف دورها لم يكن ليغير من نجاح الفيلم والإقبال الجماهيرى عليه (هذا طبعًا إذا استثنينا عبلة كامل التى لا يستطيع أحد أن يهمشها باعتبارها على رأس المضحكين الجدد). ومع ذلك لا أستطيع أن أعتبر ممثلين مثل محمود يس وحسين فهمى ونور الشريف وعزت العلايلى ومحمود عبدالعزيز - ومعظمهم من مواليد الأربعينيات - من ضحايا هذه الظاهرة، على الرغم من أنهم جلسوا فى البيت وانحسرت عنهم البطولات التى أصبحت من نصيب محمد هنيدى ومحمد سعد وأحمد حلمى وأحمد رزق وأحمد عيد وأحمد آدم، ذلك أن النجوم الكبار كانوا قد شبعوا نجومية وحققوا أغلب ما كانوا يتطلعون إليه فى مشوارهم الفنى، وقضى كل منهم ربع قرن على الأقل فوق القمة أو مشاركًا بها.. وكانت أدوار البطولة طبقًا للمفاهيم السينمائية المصرية ستنسحب عنهم فى كل الأحوال، سواء ظهر المضحكون الجدد أو لم يظهروا.. لكن الذين تأثروا بشدة وفقدوا الكثير مما كانوا يحلمون بتحقيقه هم النجوم من مواليد الخمسينيات، أمثال محمود حميدة وهشام عبدالحميد وممدوح عبدالعليم، فهؤلاء كانوا قد انتزعوا لأنفسهم مع مطلع التسعينيات أماكن بارزة وسط العتاولة، وشقوا طريقهم فى سكة الصعود السينمائى الذى كان يفترض أن يثبتهم على القمة عدة عقود تالية كما حدث مع كل نجوم السينما المصرية منذ بدايتها، ولدينا أمثلة لمواليد بداية القرن العشرين، أمثال أنور وجدى وحسين صدقى وعماد حمدى، وكذلك للكبار من مواليد العشرينيات أمثال فريد شوقى وكمال الشناوى وشكرى سرحان ورشدى أباظة، وأيضًا مواليد الثلاثينيات أمثال عمر الشريف وأحمد رمزى وحسن يوسف، ثم يأتى مواليد الأربعينيات الذين أسلفنا ذكرهم ويمكن أن نضيف إليهم يحيى الفخرانى وأحمد زكى. كل هؤلاء نالوا نصيبهم من النجومية وقدموا دور الفتى الأول وحصلوا على البطولات المطلقة لسنوات طويلة. أصحاب الحظ السيئ فقط كانوا مواليد الخمسينيات الذين اندفعوا بقوة وبدأوا ينافسون النجوم الكبار ويفتحون لأنفسهم طريق المجد عندما انقض عليهم المضحكون الجدد مُنهين مسيرة سينمائية كانت واعدة.. ولئن كان النجم الكبير محمود حميدة قد استمر رغم الظروف يقدم أدوارًا قليلة متميزة، فإن موهبته كانت خليقة بأن يستمر فى تمثيل عشرة أفلام كل العام لسنوات طويلة لولا تغير المزاج بعد اكتساح المضحكين الجدد الساحة.. والغريب أن هؤلاء بعد أن أحدثوا الانقلاب لم يستمروا طويلًا، وانطفأ أغلبهم، فلا هم أكملوا الطريق ولا سمحوا لغيرهم بأن يفعل!.