بقلم: أسامة غريب
فتحت وسائل التواصل الاجتماعى آفاقاً جديدة لمحبى الفن فأتاحت الكثير من المعلومات عن أعمال وفنانين كانت الأخبار عنهم شحيحة. ورغم ذلك فغياب الضوابط جعل بعض المعلومات غير الصحيحة تشيع وتنتشر بين الجمهور. من ذلك، الخطأ الذى وقعتُ فيه شخصياً منذ أيام عندما قدمت للقراء أغنية حلوة تعثرت فيها على النت لعزيز عثمان عنوانها: عيون حبيبى خضر وخضرضر.. وقد قمت بنسبها ليونس القاضى اقتداء بمواقع عديدة على النت، لكنى بعد النشر تلقيت مكالمة من الأستاذ أحمد الإبيارى الكاتب والمنتج المسرحى يصحح فيها الأمر بأن هذه الغنوة هى فى حقيقتها لوالده أبوالسعود الإبيارى. وأنا أشكر للأستاذ أحمد هذه المعلومة التى تأتى مع اقتراب الذكرى الواحدة والخمسين لوفاة العبقرى صاحب أجمل أعمال كوميدية فى الغناء والسينما والمسرح على الإطلاق. مشكلة أبوالسعود الإبيارى هى غزارة إنتاجه على نحو قد يجعل من السهل أن يسقط أحد الأعمال أو أن يتم نسبه لآخرين!.
كان أبوالسعود يكتب أكثر من عشرة أفلام فى السنة الواحدة بالإضافة إلى حفنة مسرحيات إلى جانب رهط من الأغنيات ما بين عاطفى وساخر.. كل هذا إلى جانب الكتابة المنتظمة فى الصحف والمجلات!.. أى عبقرية امتلكها هذا الرجل وأى طاقة فنية متدفقة كانت تمده بكل هذا الفيض من الأفكار؟ إنك إذا نظرت للأفلام الكوميدية التى يحبها الجمهور العربى ستجدها كلها تقريباً من تأليف الإبيارى فعندك مثلاً: لو كنت غنى والزوجة 13 ونشالة هانم وأنت حبيبى وصغيرة على الحب وجناب السفير وسكر هانم وطاقية الإخفاء وحواء والقرد والعريس يصل غداً والبحث عن فضيحة.. أما عن المسرح فقد كان الإبيارى هو المنصة التى انطلق منها إسماعيل يس فى السينما والمسرح، ومعظم الأفلام التى حملت اسم إسماعيل يس كانت من تأليف صديقه أبوالسعود وكل المسرحيات التى قدمها على المسرح كانت له أيضاً، مثال مسرحيات: حبيبى كوكو وسهرة فى الكراكون ومراتى قمر صناعى وعمتى فتافيت السكر و3 فراخ وديك وبنت ملك السجق.
أما الأغانى فقد مكنته مقدرته الشعرية من كتابة العاطفى مثل أنا قلبى دليلى والبوسطجية اشتكوا، والشعبى مثل قالوا البياض أحلى ويا بتاع التفاح وكذلك الأغنية العبثية التى سبق بها مسرح العبث الغربى عندما قدم المحاكاة الساخرة للأغنية المعروفة «بان على حبه» لنجاة الصغيرة وقوله: من أول ما شفت عيونه.. أنا فُت الغسيل بصابونه.. وخايلنى الهنا ومأذونه.
والله لو أن أبوالسعود الإبيارى قد ظهر فى أمريكا أو أوروبا لرأينا تماثيله فى الشوارع مع الخالدين، وإنى لأعجب كيف يمكن للناس أن تستمتع بمشاهدة إسكتش العقلاء مثلاً ثم لا تخرج فى مظاهرة تطالب بوضع اسمه على أكبر شوارع القاهرة؟ للأسف نحن مثل القطط التى تأكل وتنكر!. هل سبق لأحد سوى أبوالسعود الإبيارى أنْ وصف نيرون بأنه راجل جد وسيه تريه بون؟