تل من الجماجم

تل من الجماجم

تل من الجماجم

 صوت الإمارات -

تل من الجماجم

أسامة غريب
بقلم: أسامة غريب

الشعب السورى هو آخر ما يخطر ببال كل القوى الشريرة التى تتصارع على الأرض السورية. نعم القوى الشريرة، فلا يوجد بين المتحاربين طرف واحد يتسم بالنُبل أو محبة السلام والنزوع للديمقراطية، ابتداء ببشار الأسد، الذى رفض أن يتنازل لشعبه، ثم تنازل لكل الدول الأخرى التى تحتل أرضه وتعبث بها، مرورًا بالدب الروسى، الذى لا يعرف الديمقراطية، ولا يعترف بها، وليس من المتصور أن يسعى لمنحها للشعب السورى، إلى جانب إيران، التى تحمى أراضيها من العدوان الأمريكى الإسرائيلى، فتتخذ من دمشق خط الدفاع الأساسى عن طهران، إلى القوات الأمريكية، التى استولت على حقول النفط، وتسعى لإغلاق الحدود العراقية السورية فى وجه قوافل الإمداد الإيرانية، ثم نأتى للرئيس التركى، الذى يفرد مظلة حمايته على تنظيم القاعدة وعلى الجيش السورى الحر الموالى له. وعلى الرغم من كون أردوغان رئيسًا منتخبًا لدولة بها ملامح ديمقراطية، فإنه لا يتردد فى مناصرة التكفيريين، الذين تقضى عقيدتهم بالعداء للديمقراطية وحقوق الإنسان. أما عن الحرب التى تدور فى إدلب وما حولها فى الوقت الحالى فإن انتصار أى طرف فيها سوف يمثل انتكاسة للسوريين المدنيين الأبرياء، فلو أن قوات بشار، المدعومة بغطاء جوى روسى، قامت بصد الهجوم التركى، الذى نجح فى استعادة سراقب والنيرب، وهما المدينتان اللتان كانتا قد سقطتا فى يد الجيش النظامى السورى.. لو أنها تمكنت من المضى فى اكتساح المزيد من البلدات حتى معبر باب الهوى على الحدود التركية فإن ملايين اللاجئين سوف يندفعون عبر الحدود فرارًا من بطش الجيش المنتصر، ومهما حصلوا على تطمينات من الأبواق الإعلامية الرسمية فإنهم لن يصدقوا أنه لن يتم التنكيل بهم، وذلك بسبب ما يعرفونه من نظرة حكومة دمشق لهم باعتبارهم يمثلون الحاضنة الشعبية لحلفاء تركيا، وفى حقيقة الأمر فإن النظام السورى لا يريدهم ولا يثق فيهم ويسعده أن يقوم بتصديرهم إلى أردوغان، الذى سيقوم بدوره بفتح حدوده ليدفع بهم إلى أوروبا. أما إذا نجحت القوات المعادية لبشار، بمساعدة الجيش التركى، فى دحر القوات السورية فإن هذا أيضًا لن يحدث إلا على أشلاء المدنيين من أبناء المدن والقرى التى يتمركز فيها جيش بشار وحلفاؤه، أى أن الكوارث الإنسانية تنتظر السوريين الأبرياء بصرف النظر عن الطرف المنتصر، ولابد للمرء وهو يتابع الأخبار الواردة من سوريا ويرصد التفاعلات فى وسائل التواصل الاجتماعى أن يشعر بالأسى على هؤلاء الذين يهللون لأردوغان ويسمون قواته المعتدية بـ«الجيش المحمدى» ويدعون له بالنصر، وكذلك الآخرين الذين يتعصبون لجيش بشار باعتباره الجيش العربى السورى ويتمنون له الانتصار ودحر الإرهابيين. لا يعلم أولئك وهؤلاء ثمن النصر المزعوم المرجو، ولا يفهمون أن المنتصر سوف يجلس فوق تل كبير مفروش بجماجم المدنيين السوريين الأبرياء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تل من الجماجم تل من الجماجم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates