بقلم - أسامة غريب
نشرت صحيفة واشنطن بوست على موقعها الإلكترونى مقتطفات من مكالمة استمرت لمدة ساعة بين الرئيس الأمريكى المهزوم دونالد ترامب وبراد رافينسبرجر الذى يعد مسؤول الانتخابات الأول بولاية جورجيا. كانت المكالمة عبارة عن سعى من جانب ترامب لحمل مسؤول الولاية على تغيير نتيجة الانتخابات وإعلان ترامب فائزاً بها!. كل الذين استمعوا إلى المكالمة لم يداخلهم شك أنها تشكل جريمة تحريض على التزوير وأنها تستحق العقاب الجنائى. ويلاحظ لمن يهتمون بتحليل المضمون للمحاورات بين السياسيين أن الرئيس ترامب استخدم أثناء المكالمة شتى أنواع الاستمالات التى قادته إليها غريزته البدائية، إذ إننا لا نستطيع الحديث عن ثقافة أو تعليم، لأن ترامب محدود الأفق والمدارك ليست له قراءات سياسية يمكن أن يتعلم منها مثل هذه الاستمالات. فقط غريزة الضوارى وهى تسعى للافتراس هى التى أوحت له بأن يقدم رسائل طمأنة وتشجيع للسيد رافينسبرجر بأن من يحدثه هو رئيس الولايات المتحدة، وبالتالى فتنفيذ أوامره ليس بها ما يسوء.. كما قدم ترامب للرجل رسائل امتداح وإغواء فذكّره بأنه وهو الرجل الجمهورى عليه مسؤوليات تجاه حزبه وأنه أى ترامب واثق من قدرته على تنفيذ المطلوب، وبعد ذلك مرر له رسائل تهديد وتخويف من أن الشعب الأمريكى يرفض هذا التزوير الذى حدث!.. وأن الشعب لن يسمح لأصواته أن يتم سرقتها وسوف يعاقب من ساهموا فى حدوث هذا.
فى هذه المكالمة الإجرامية أوضح ترامب أنه مطلوب من سكرتير الولاية ومسؤول الانتخابات بها «إيجاد» 11780 صوتاً وإضافتها إلى نصيبه من الأصوات من أجل اعتباره فائزاً على جو بايدن ومستحقاً للأصوات الستة عشر المخصصة للولاية فى المجمع الانتخابى. ومن الواضح أن ترامب فى سعيه لتحقيق هذا التزوير لم يكن سيكتفى بولاية جورجيا إذ إن أصواتها وحدها لن تنفعه وسيظل بايدن هو الفائز.. كان الأخ يعتزم انتهاج ذات الأسلوب فى بقية الولايات المتأرجحة التى فاز فيها منافسه الديموقراطى بنسبة ضئيلة إذا ما نجحت محاولته فى جورجيا. وتشير المكالمة إلى أن «رافينسبرجر» رفض ادعاءات ترامب بشأن تزوير الانتخابات، وأوضح له أن هناك نتيجة أعلنها بنفسه ونتيجة يصر عليها الرئيس وأن هذا التضارب بفرض وجوده تحسمه المحكمة ولا أحد آخر، كما برز فى رده على الرئيس تمتعه بالكياسة السياسية والنزاهة الشخصية والحرص على صورته كرجل مسؤول، إذ إن إضافة أصوات لترامب لا يستحقها كانت ستضرب مصداقية هذا الرجل الذى أعاد الفرز مرتين، وهو بالتأكيد لا يأمن جانب الرئيس المراوغ ويعلم أنه إذا خان الأمانة لصالح ترامب فإن الأخير قد يغدر به ويتهمه بتزوير الانتخابات لصالح بايدن عندما أجرى الفرز الأول والثانى!
ستظل هذه المكالمة دليلاً دامغاً على الدرك الأسفل الذى انحدر إليه هذا الرجل الذى جلس فى المكتب البيضاوى لأربع سنوات والعار الذى ألحقه بنفسه وبمن ساروا فى ركابه.