على قهوة أم كلثوم

على قهوة أم كلثوم

على قهوة أم كلثوم

 صوت الإمارات -

على قهوة أم كلثوم

بقلم - أسامة غريب

جمعتنى جلسة في قهوة أم كلثوم في التوفيقية بصديق من المغرب، وكان هذا الصديق عروبيًّا حتى النخاع. احتدم النقاش بيننا حول مفاهيم العروبة والوحدة ومقاومة الاستعمار وحول ما إذا كانت الظروف يمكن أن تسمح لحلم الوحدة العربية بالتحقق ذات يوم، عندما اقتحم حوارنا شاب من بلد خليجى كان يجلس على مقربة منّا ويستمع لما نقول. دخل الشاب في الموضوع مباشرة بحماس بالغ: أي وحدة وأى عروبة يا قوم؟، هل لا يزال هذا الكلام مطروحًا؟، أما زلتم تتحدثون عن الاستعمار؟. أخذتنا المفاجأة من تدخله في حديثنا الخاص، لكنه لم يبالِ وانطلق: أنتم حالمون لا ترون الحياة على حقيقتها.. لقد كنا نعيش في خيام في الصحراء، ولما تطورت حياتنا قليلًا صرنا نقطن العشش، حتى جاء المحتل الأجنبى الذي تقولون إنه الغاصب الباغى اللعين فمد يده إلينا وانتشلنا من الفقر والضياع.

فتح لنا المدارس والمستشفيات، علّمنا أصول النظافة ومقاومة الحشرات التي كانت تعيش معنا، أدخل عندنا نظام التطعيم الإجبارى للأطفال فأصبح أولادنا يعيشون بعدما كنا نفقد تسعين بالمائة منهم.. الأهم من هذا كله أن هذا المحتل الباغى حفر آبار البترول التي لم نكن نعلم بوجودها في أرضنا، وحتى لو علمنا لما استطعنا أن نفعل شيئًا. حفر الآبار واستخرج البترول وقام بتكريره وتصفيته، ثم قام بتحميله على مراكب وباعه بمجهوده الشخصى ثم أعطانا الفلوس لنصير أغنياء مُنعَّمين مُترفين. قبل أن يرد أحدنا، بادر الأخ الخليجى مندفعًا: ستقولون إنه استغل بترولنا وأخذ جانبًا منه لنفسه وضمن بجلوسه على رأس آبار النفط أن يحصل على الإمدادات التي يحتاجها وتحتاجها بلاده.. وأقول لكم: وما المشكلة في هذا؟. افترض يا أخى أننا نحن الذين قمنا بالحفر والإنتاج.. أما كنا سنصدره له طواعية أم ترانا كنا سنشربه؟.. إن هذا الذي تقولون عنه استعمار هو أجمل ما حدث لنا.. إننى لا أفهم كيف قاومتم في مصر الاحتلال الإنجليزى ولماذا؟.

ولا أفهم كيف قدم الجزائريون مليون شهيد من أجل إخراج الفرنسيين من أراضيهم؟.. إننا ندعو الغرب ليأتى إلى أراضينا ويأخذ ما يشاء من قواعد ليدافع عنّا ويقدم أبناءه بدلًا من أبنائنا في الحرب ضد مَن يعادينا.. إننا لم نعتبر الوجود الإنجليزى بأرضنا احتلالًا أبدًا، لقد كانوا ضيوفًا أعزاء قدموا لنا كل ما هو طيب ببلادهم وأطلعونا عليه فنقلونا من الظلمات إلى النور.. إننا من خلالهم عرفنا السيارة والطيارة والتلفاز والبوتاجاز والثلاجة والغسالة والتليفون. إن هذا الذي تسمونه احتلالًا لم يقتل مواطنًا منّا عندما أتى بجيوشه، بينما الاحتلال العراقى للكويت هو الذي قتل ودمر وأحرق. إن اليوم الذي خرج فيه الإنجليز من بلادنا كان يوم حِداد، ولولا أنهم عادوا بمستشاريهم وخبرائهم لكان حالنا غير الحال.

أنهى الشاب كلامه ثم نظر إلينا ينتظر الرد. لم تخدعنا الوجاهة الظاهرية لمنطقه، فهو متهافت، وأساسه فاسد، ومردود عليه بسهولة، إلا أننى وصديقى المغربى تفاهمنا بالعين، وقررنا عدم الرد حتى لا نكافئه على اقتحامه حديثنا، وإلقائه محاضرة لا نحتاجها وليس بها جديد!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على قهوة أم كلثوم على قهوة أم كلثوم



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates