بقلم: أسامة غريب
لقد أصبحت إجراءات التفتيش بالمطارات وفى مواقف الحافلات ومحطات السكك الحديدية وأيضاً فى المولات وملاعب كرة القدم والمسارح ودور السينما شديدة الوطأة على النفس بما أفقد الحياة قدراً لا بأس به من بهجتها وتلقائيتها التى كانت. ولكن إذا شئنا كلاماً جاداً فإن من يريد أن يرد الأشياء إلى أصولها عليه أن يعى أن هناك دولة هى السبب فى معظم المصائب التى تحدث فى العالم وتقاسى منها الشعوب اليوم!. نعم.. قبل اختراع إسرائيل لم تحدث جريمة خطف طائرة على الإطلاق، وقد ارتبط تزايد معدل خطف الطائرات دائماً بتزايد معدل جرائم إسرائيل فى المنطقة.. صحيح أن هناك من حوادث اختطاف الطائرات ما كان مرتبطاً بأسباب أخرى، إلا أن أغلبية الحوادث من هذا النوع كانت رداً على جرائم إسرائيل. وقد دأب الغرب فى هذا الصدد على التعامل مع النتائج وتجاهل المقدمات.. ومن أهم المقدمات التى يتعامون عنها أن قيام دولة إسرائيل وزرعها فى قلب العالم العربى هو أكبر مظهر من مظاهر العداء للسامية.. تلك التهمة المخيفة التى ترميها إسرائيل فى وجه كل من يندد بجرائمها أو يتعاطف مع ضحاياها.
نعم قيام دولة إسرائيل هو أكبر عداء للسامية مارسه الغرب فى حق اليهود، فبعد أن قام هتلر الأوروبى بتصفية اليهود فى ألمانيا لأنه اعتبرهم شراً مستطيراً، قام قادة أوروبا المنتصرون بإكمال ما فعله هتلر بطريقة أخرى بعد الحرب، إذ اتفقوا على التخلص من اليهود ونقلهم إلى مكان آخر بعيداً عن أوروبا، وبدلاً من أن يمنحوهم حق المواطنة والعيش الكريم فى البلاد التى ولدوا بها وعاشوا عليها هم وآباؤهم وأجدادهم، إذا بهم يسعون للتخلص منهم وشحنهم فى سفن وقطارات تتوجه بهم إلى فلسطين مخلية بلاد أوروبا منهم وكأنهم وباء يخشون تفشيه بينهم! وبعد ذلك صارت الجريمة التى ارتكبوها فى حق اليهود بالتخلص منهم، والتى دفع ثمنها الفلسطينيون تؤرق الضمير الأوروبى فأخذوا- تكفيراً عن جريمتهم- يمعنون فى حماية إسرائيل ويتسترون على خطاياها ويقدمون لها الدعم السياسى والاقتصادى والعسكرى ويساعدونها على ابتلاع المزيد من الأرض العربية.
وإذا كانت حلقات دفاع المظلومين عن النفس والتى أخذت فى بعض الأحيان أشكالاً عنيفة جعلت الغرب يسميها الإرهاب قد أدت إلى انقضاء عهد الأمان الذى تمتع به الناس على الطائرات وفى الفنادق وداخل المولات ودور العرض والمسارح بعدما صار التفتيش ببواباته وماكيناته ورجاله الغلاظ أمرا طبيعياً.. إذا كان هذا قد حدث فلا يجب أن نعفى إسرائيل من المسؤولية ولا أن ننسى أيضاً أن كل هذا الجنوح والتجرؤ على العالم هو نتيجة مباشرة للجريمة الكبرى التى ارتكبتها أوروبا وأمريكا فى حق الإنسانية، والإجراء المعادى للسامية الذى اقترفوه فى حق اليهود والمتمثل فى اختراع دولة إسرائيل!.