حواديت كاذبة

حواديت كاذبة

حواديت كاذبة

 صوت الإمارات -

حواديت كاذبة

أسامة غريب
بقلم: أسامة غريب

فى السنوات التى تلت حرب أكتوبر وتماشيًا مع توجهات السادات الجديدة، حفلت الصحف المصرية بقصص عجيبة عن شباب كانوا فقراء مُعدمين، ثم هاجروا إلى أوروبا وأمريكا وبدأوا من الصفر، ثم حققوا ثروات طائلة وصار كل منهم مليونيرًا بفضل الجد والاجتهاد. أخذ كُتاب المرحلة على عاتقهم مهمة نشر الحواديت عن قصص النجاح بالخارج لشباب مصرى لم يكن يمتلك سوى أحلامه، ثم أصبح مالكًا للقصور والضِياع واليخوت والطائرات.

ولأن أفق الهجايص فى ذلك الوقت كان مفتوحًا على اتساعه، فقد راجت بين الشباب حكايات عن واحد سافر فرنسا فى موسم العنب واشتغل فى مزرعة بالصيف، وهناك تعلقت به ابنة صاحب المزرعة وتزوجته.. أو الآخر الذى هجر الجامعة التى لا فائدة منها (!) ورحل إلى أمريكا، حيث اشتغل عند مليونير كبير يمتلك واحدة من كبريات سلاسل السوبر ماركت، ولحسن حظه كان الرجل لا ينجب وليس لديه وريث.. وطبعًا أعجب باجتهاد الشاب المصرى وأمانته، ورأى أنه يذكّره بشبابه، فقربه إليه ثم رقّاه فى مناصب الإدارة، وأخيرًا كتب له الثروة كلها قبل أن يموت... أو حكاية أخرى عن العامل الذى سافر إلى ألمانيا وهو لا يعرف كلمة واحدة من لغتها واشتغل خراطًا فى مصنع، ثم ابتسمت له الحياة دون مناسبة وصار من كبار رجال الأعمال فى فترة وجيزة.. وهذه الحكاية الأخيرة كتبها الأستاذ محمود أبوالفتح فى قصة ذاعت وانتشرت واشتراها منتج، فقدمها للسينما فى فيلم اسمه «النمر الأسود» قام ببطولته أحمد زكى.

لعبت هذه الحواديت الخرافية بعقول الشباب وأصابتهم بالهوس والرغبة فى السفر بأى شكل، لكن الغريب أننى شخصيًا عندما واتتنى الفرصة للسفر أثناء الدراسة بالجامعة رأيت الصدمة التى سببتها الحكايات الفالصو التى دغدغت المشاعر وجعلت الشباب يتصور أن القطوف أصبحت دانية، فإذا بها بعيدة بُعد القمر!. تلفتُّ وقتها أبحث عن بنت صاحب المزرعة فلم أجدها، وذهبت إلى محال السوبر ماركت والمطاعم ولكن للأسف لم يكن صاحب أى منهم يبحث عن وريث يشبهنى.. حتى البنت.. أى بنت كان من الصعب أن تعجب، فضلًا عن أن تقع فى هوى صعلوك مفلس من بلاد العالم الثالث ينام معظم الوقت على الأرصفة ولا يكاد يجد الفرصة لغسيل ملابسه! العجيب أن هذه الموجة سرت فى وقت كان العامل المصرى يستطيع أن يجد عملًا مجزيًا فى مصر بكل بساطة، وكان خريج الجامعة لا يحتاج إلى واسطة ليجد عملًا، ولم تكن الأمور قد تدهورت إلى ما آلت إليه بعد ذلك.. لكن هذه الموجة كانت تهدف لزعزعة إيمان الشباب بالعمل الجاد وجعلهم يتعلقون بضربة الحظ التى لا تحدث إلا بنسبة واحد فى المليار، وتروّج فى الوقت نفسه للحقبة الإسرائيلية التى ضربت العالم العربى بعد ذلك فى العظم، ثم تجاوزته إلى النخاع!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حواديت كاذبة حواديت كاذبة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:12 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإمارات تقدم مساعدات إنسانية لدعم الأمن الغذائي في تشاد
 صوت الإمارات - الإمارات تقدم مساعدات إنسانية لدعم الأمن الغذائي في تشاد

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates