بقلم: أسامة غريب
عند قيام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958، شاعت تسمية المواليد التوائم: ناصر وشكرى، على اسم جمال عبد الناصر وشكرى القوتلى، تعبيرًا عن فرحة الشعبين العارمة بالوحدة التى سرعان ما تم وأدها. بعد ذلك بسنوات تم إعلان قيام الوحدة الثلاثية فى ديسمبر 1969 بين مصر وليبيا والسودان، وحملت صحف تلك الأيام خبر المرأة الريفية التى أنجبت ثلاثة توائم ذكورا سمّتهم ناصر والقذافى والنميرى. بعد ذلك خرج علينا القوم بإنشاء قيادة سياسية موحدة بين مصر وسوريا فى 21 ديسمبر 1976 وسرعان ما لحقت بهما السودان وانضمت إلى القيادة السياسية الموحدة.. وطبعًا أنجبت امرأة ريفية أخرى سعيدة بالوحدة ثلاثة توائم سمّتهم السادات والنميرى والأسد طبقًا لصحف الأخبار والأهرام والجمهورية. وفى 25 مايو عام 1981 تم إعلان قيام مجلس التعاون لدول الخليج بعضوية السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وعمان.. وسرعان ما رد عليه عرب إفريقيا بقيام اتحاد المغرب العربى فى 17 فبراير 1989 بين ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا.
وهنا قامت الدول التى سقطت من حساب المجلس الخليجى وكذلك الاتحاد المغاربى، وهى مصر والعراق واليمن والأردن، بإعلان قيام مجلس التعاون العربى، وبعده ارتفعت الرايات فى قلب القاهرة وعمان وصنعاء ترحب بالقائد البطل صدام حسين أسد البوابة الشرقية!. وطبعًا، لا تخلف المرأة المصرية وعدها كالعادة فتنجب سيدة من الصعيد هذه المرة أربعة توائم هم مبارك وصدام وصالح وحسين!.
كثيرًا ما فكرت فى المواليد الذين تمت تسميتهم بأسماء الزعماء العرب، وكيف أصبح حالهم فى ظل التقلبات السياسية العربية، ولقد شغلنى كثيرًا العيال الذين حملوا اسم القذافى، خاصة بعد أن ساءت العلاقة به فى عهد السادات وبعده مبارك.. ماذا كان موقف ذلك الولد الذى كبر وصار رجلًا وهو يرى كاريكاتير القذافى الذى رسمه مصطفى حسين جالسًا على القصرية رغبة فى إهانته واستصغارًا لشأنه؟، وكيف كان شعوره وهو يرى القذافى بعد ذلك بسنوات وهو يتلقى الشلاليت والصفعات من أبناء شعبه قبل أن يقتلوه بالرصاص؟، وكيف أصبح حال الولد صدام بعد أن رأى صدام الأصلى ينتقل من حامى البوابة الشرقية إلى المجرم القاتل الذى احتل بلدًا عربيًا وانتهى به الحال مشنوقًا بيد الأمريكان؟، وماذا عن الشاب الذى يحمل اسم النميرى.. ماذا يقول للسودانيين الذين خلعوا رئيسهم الفاسد فقضى حياته لاجئًا حتى مات؟.
من الطبيعى أن هذه الأسماء قد تصلح خبرًا طريفًا فى الصحافة، لكنها مع هذا لا تجلب لصاحبها القرب الذى يبغيه من السلطة، فضلًا عن أن المستقبل قد يحمل لصاحب الاسم الأصلى ما يجعل النسخة المضروبة منه يتوارى خجلًا أو خوفًا من بطش الجماهير.