السعادة البعيدة

السعادة البعيدة

السعادة البعيدة

 صوت الإمارات -

السعادة البعيدة

أسامة غريب
بقلم: أسامة غريب

تُرى هل يستطيع أى شخص فى مجتمعنا، إذا أُزيلت العوائق المادية، أن يعمل بالمهنة أو الحرفة التى يريدها؟. أعتقد أن الرد بالإيجاب لن يكون هو الإجابة الصحيحة، ذلك أن معوقات مجتمعية كثيرة تقف دون تحقيق الناس لأحلامها. الكثير من الشباب لهم أحلام غير مُكلِّفة ماديًا فيما يخص العمل الذى يودون مزاولته، لكن المشكلة تكمن فى أين هو الأب الذى يوافق على أن يكتفى ابنه من الدراسة بقدر معين، وليكن الثانوية العامة، ليعمل بورشة نجارة كما يحب؟ إذا كان الأب غنيًا ميسور الحال فسوف ينظر لولده على أنه مجنون يريد أن يهبط اجتماعيًا بمستوى الأسرة، وإذا كان من أسرة فقيرة فسيعتبره أبوه مجنوناً أيضًا لأنه يرفض الصعود الاجتماعى وشد الأسرة معه لأعلى بأن يصبح مهندسًا أو طبيبًا. الأنكى لو جرؤت فتاة من أسرة غنية على الإعراب عن حبها لمهنة التمريض ورغبتها فى أن تصير ممرضة مثلًا، وهى حاصلة على مجموع كبير بالثانوية، هنا ستقف الدنيا كلها فى وجهها، ولن تسمح لها الأسرة بأن تفعل ما يعتبرونه خللًا فى التفكير!. وليست الطبقات الموسرة وحدها هى مَن تتبنى هذه الأفكار، لكن الطبقة الوسطى ستكون أشد تمسكًا بالرغبة فى الصعود والاستعلاء على الحرف والمهن اليدوية وتصنيف الأشغال التى يمتهنها الناس إلى راقٍ ووضيع. لهذا فليست هينة أبدًا قدرة المجتمع على وأد أحلام الشباب فى اختيار المهنة من خلال التلويح بأن الميكانيكى مثلًا لن يستطيع الزواج من ابنة إحدى الأسر الكبيرة.

وفى واقع الأمر فإن الأهل وهم يفعلون هذا إنما يستندون إلى واقع مجتمعى أفرزه الاستبداد، الذى يكرس الطبقية ويقصر الحقوق على أبناء الطبقة العليا دون غيرهم، وفى هذا الشأن يمكن أن نلحظ أن السلطة فى البلاد التعيسة يمكن أن تعصف بالصنايعية وأصحاب الحرف وأن تمارس فى حقهم الانتهاكات بأكثر من إتيان الأمر نفسه مع أصحاب المراكز العليا والمهن اللامعة.. وهذا أمرٌ يجعل مَن يود العمل بمقهى أو محل بقالة أو «كوافير» من بين المتعلمين يتردد ألف مرة فى اتخاذ القرار خوفًا على كرامته من أن تتبعثر لسبب أو لآخر!. والواقع أن الناس فى البلدان الديمقراطية التى تحترم البشر وترعى حقوق الإنسان بصرف النظر عن جنسه ودينه ومهنته هم أكثر حرية فى الاختيار، ويمكن للواحد منهم أن يكون ما يشاء دون أن يفقد حقه فى الاحترام والكسب والحب والزواج، ولا أنسى أحد أصدقائى الكنديين، وكان جارًا لى بمونتريال.. هذا الرجل عرفته كموزع بريد على دراجة، وقد أذهلنى عندما حكى لى عَرَضًا أنه كان طيارًا بشركة «إير كندا»، لكنه تركها بسبب حبه للانطلاق بالدراجة وتوزيع البريد!.

ما أبأس الحياة التى يقضى التكلف والتظاهر فيها على إمكانات السعادة الحقيقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعادة البعيدة السعادة البعيدة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates