مطلوب جنازة

مطلوب جنازة!

مطلوب جنازة!

 صوت الإمارات -

مطلوب جنازة

أسامة غريب
بقلم: أسامة غريب

كتب أحد الإعلاميين العرب على تويتر منشورًا يعبر عن أعداد كبيرة من المتابعين للأزمة الواقعة بالخليج بين إيران والولايات المتحدة، وقد كانت نبرة الشماتة والتشفى واضحة، والتهكم باديًا بصورة كبيرة فى قوله: تُعَلِمنا الضربة الإيرانية للمواقع الأمريكية ثلاثة أشياء.. بتعلمنا نسامح.. بتنسينا إمبارح.. بتخلينا نفكر دائما فى أيامنا اللى جاية!.

من الواضح طبعًا السخرية الشديدة فى استخدامه أغنية محمد فؤاد.. السخرية من الضربة التى اعتبرها ورفاقه مسرحية متفقًا عليها، ولكن غرابة هذه الرؤية تكمن فى أن الكثير من الجماهير التى تتفرج على المباراة الدائرة كانت تتمنى أن ترى بحورًا من الدماء تسبح فيها جثث القتلى وأشلاء الجرحى، وكانت ترجو من صانع القرار الإيرانى ألا يستجيب لصوت العقل، لكن يستمع لعواء الذئاب التى لا تريد أقل من الخراب الشامل. العجيب أن بعض الساخطين هم من أعداء النظام الإيرانى الذين كانوا يأملون فى ضربة قوية حتى ترد الولايات المتحدة بقصف المراكز الصناعية والمفاعلات النووية فى إيران، والبعض الآخر من أنصار النظام الإيرانى الذين أرادوا للثأر أن يكون عبارة عن توابيت أمريكية تشحن آلاف القتلى إلى أمريكا. لكن من لطف ربنا أن صناع القرار فى إيران أخضعوا قرارهم للعقل حتى وهم يعيشون أجواء حزن هستيرية، فلم يسمحوا لأنفسهم أن ينجرفوا للانقياد لغريزة القطيع وللجماهير المليونية التى تطلب الانتقام، ولعلنا نذكر أمثلة عديدة فى هذا الصدد عبّر عنها ببراعة الكاتب الإنجليزى جورج أورويل فى إحدى قصصه المعنونة: اقتل الفيل.. وهى تحكى عن ضابط كان مكلفًا بالتصرف فى أزمة هروب أحد الفيلة فى بورما والعمل على إرجاعه. ظل الضابط يبحث عن الفيل حتى عثر عليه وكان ينوى العودة به، غير أن الجماهير الغفيرة من السكان المحليين التى زحفت خلف الضابط فى رحلة بحثه عن الفيل ظلت تهتف بأعلى الصوت: اقتل الفيل.. اقتل الفيل، وهنا وجد الرجل نفسه مضطرًا للحفاظ على صورته فى أعين الجماهير كقائد جسور، فأطلق النار على الفيل البرىء استجابة للغوغاء.

لا ننسى أيضًا تجربتنا الأليمة فى 67 عندما قرر عبدالناصر إغلاق مضيق تيران فى وجه الملاحة الإسرائيلية، وهو قرار لم يكن يعنى سوى إعلان الحرب فى وقت لم نكن فيه جاهزين للحرب، ولم يكن اتخاذ هذا القرار إلا استجابة للجماهير التى تم شحنها وجدانيًا بأننا سنحتفل بالنصر قريبًا فى تل أبيب، ثم كان ما نعرفه جميعًا. لحسن الحظ أن إيران مهما كان الرأى فى سياساتها إلا أنها برهنت على كونها دولة مؤسسات لا ينقاد القرار فيها للعاطفة أو لرغبة الفرد، ثم إنه يكفيهم فعلًا أن صواريخهم قد وصلت إلى أهدافها ولم يتم اعتراض صاروخ واحد منها، وهذا فى حقيقته ليس بالأمر الهين، وهى رسالة قد أرسلت بعلم الوصول للأمريكان والإسرائيليين وبعض العرب الذين يريدون جنازة ليشبعوا فيها لطمًا!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مطلوب جنازة مطلوب جنازة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates