الناشر والأرتكاريا

الناشر والأرتكاريا

الناشر والأرتكاريا

 صوت الإمارات -

الناشر والأرتكاريا

بقلم: أسامة غريب

كانت صدمة شرحبيل كبيرة عندما أخبره صديقه حمامة الفلايكى أن قصائده التى يعتز بها لا يسهل جمعها فى ديوان، ذلك أن الناشرين بدلًا من أن يدفعوا للمؤلف حقوقه فإنهم يأخذون منه ثمن الطباعة ثم يبيعون الكتاب فإذا نجح وحقق رواجًا قبضوا وانتعشوا، وإذا فشل الكتاب ولم يُقبل عليه الجمهور لم يخسروا شيئًا.

وبعدين يا صاحبى.. قالها شرحبيل بمرارة. رد حمامة: يبدو أنك لا تصدقنى وتحتاج أن تجرب بنفسك الذهاب إلى بعض الناشرين لتتعرف على حقيقة الوضع. قال ابن نوسة: لست أفهم هذا الأمر.. لماذا يرفض معظم الناشرين دفع فلوس للمؤلف حتى إذا كان الكتاب ناجحًا ويحقق مبيعات كبيرة؟.

أطرق حمامة مفكرًا ثم رفع رأسه قائلًا: لقد فكرت فى هذا الأمر كثيرًا واهتديت إلى نظرية هى الأرجح فى تصورى.. إن معظم الناشرين لدينا ينظرون إلى الكاتب على أنه شخص صايع، لا مهنة له، ولو أنه كان رجلًا محترمًا لامتهن مهنة مما يشتغل به الرجال كأن يكون مهندسًا، طبيبًا، نجارًا، كهربائيًّا أو موظفًا بالحكومة، وهذا هو السبب فى نظرتهم المستخفة له.. وحتى إذا أصاب كتابه نجاحًا فإنهم يعزون هذا إلى الحظ والنصيب، أما موهبة الكاتب فخرافة لا يؤمنون بها، إذ كيف لصايع أن يكون موهوبًا؟!.

أضف إلى هذا أن الناشرين يرون الكاتب الذى يُقبل القراء على عمله وقد حقق شهرة وأقام حفلات توقيع وندوات لمناقشة العمل تغطيها الصحف ووسائل الإعلام، وقد يكتب عنها النقاد ومسؤولو صفحات الأدب بالجرائد، وهذا كله يجلب للمؤلف بعض الشهرة ومعرفة الناس به مصحوبة بشىء من التقدير.. كل هذا يراه الناشر كافيًا وأكثر من كافٍ، فكيف بعد ذلك يريد الكاتب فلوسًا؟.

الأكثر من ذلك أن هؤلاء الناشرين الذين يشكلون أغلبية ينظرون إلى الأقلية المارقة التى تدفع للكاتب مستحقاته طبقًا للعقد على أنهم يفسدون المهنة ويُدللون الكاتب ويفتحون عيونه على حقائق يجب أن تكون خافية عنه مثل عدد الطبعات التى نزلت السوق وعدد النسخ فى كل طبعة إلى آخر هذا الكلام الفارغ!. فتح شرحبيل بن نوسة فمه دهشة من كلام الفلايكى، الذى أطفأ الأمل فى نفسه، وسأله يائسًا: إلى هذا الحد يكره الناشر أن يدفع فلوسًا للمؤلف؟.

رد حمامة: حتى تكون الصورة واضحة تمامًا، أضيف إليك أن الناشر يراها مسألة كرامة، فيشعر أن كرامته مُسّت وكبرياءه جُرحت إذا قبض المؤلف شيئًا من المال، وبعضهم تنتابه أرتكاريا على شكل هرش أو طفح جلدى إذا بلغه أن كاتبًا قد تسلم نقودًا من أحد الناشرين ولو فى محافظة بعيدة.. إنهم حساسون تمامًا لأمور مثل هذه، ويبلغون بعضهم باسم الناشر المارق المخاتل، الذى خرج على الإجماع ساعيًا لتخريب المهنة والمَسّ بأصولها المتوارثة.

عند هذا الحد كان شرحبيل قد أيقن أن عليه البحث عن سكة أخرى لجلب المال، وقبل أن يغادر المقهى أخبر حمامة أن جلسة محاكمة نوسة تنعقد فى الصباح التالى وأنها تنوى إحضار إلهام كوكو الراقصة وزوجها بدرانوف الطبال شاهدى نفى يقران أمام المحكمة أنها كانت معهما فى البيت وقت ارتكاب الجريمة!.. ونكمل غدًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الناشر والأرتكاريا الناشر والأرتكاريا



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates