بقلم - أسامة غريب
لم يكتفِ الرئيس الساقط دونالد ترامب بألاعيب الحواة التى مارسها منذ إعلان نتيجة الانتخابات بفوز خصمه جو بادين.. تلك الألاعيب التى حاول فيها انتزاع الفوز وقلب النتيجة من خلال إغواء وتهديد المسؤولين بالولايات المختلفة حتى يساعدوه ويزوّروا لصالحه، وكذلك من خلال شغل القضاء بدعاوى واضحة الكيدية شملت أكثر من ستين قضية خسرها جميعًا. ليس هذا فقط وإنما تحت ضغط الخوف منه ومن أنصاره الغوغاء قام المسؤولون عن الانتخابات بإعادة الفرز فى أكثر من ولاية فى وجود مندوبيه وتحت أعين الميديا، وكانت النتيجة فى كل مرة هى تأكد خسارته. بعد ذلك انتظر أن يأتى يوم 14 ديسمبر وهو اليوم الذى يُعلن فيه اسم المرشح الفائز بواسطة المجمع الانتخابى، وقام بالضغط على المجالس التشريعية المحلية بكل ولاية للجمهوريين فيها أغلبية، وذلك حتى يبطلوا أصوات الناخبين ويعلنوه فائزًا بولاياتهم رغم أنف المواطنين!.
لم يفلح هذا أيضًا لأن النواب وحكام الولايات الجمهوريين رغم تأييدهم له إلا أنهم تمسكوا بأمر لم يتحسب له السمسار ترامب، اسمه الشرف!. وفى كل مرحلة من هذه المراحل التى مارس فيها الشغب والمناكفة وإساءة استخدام سلطاته كان يملأ الفضاء الإلكترونى بتغريدات يوزع فيها الاتهامات بالضعف والجبن وعدم الولاء على الذين رفضوا الخضوع لابتزازه وآثروا أن ينحازوا للحق الواضح. هل ييأس ويعترف بالهزيمة؟ حاشا وكلا!.. لقد أعد ليوم السادس من يناير عدته، وهو اليوم الذى يصادق فيه مجلسا الشيوخ والنواب على النتيجة التى أقرها المجمع الانتخابى، وهو إجراء شكلى تعوّد عليه المجلسان طوال المائتى سنة الماضية ويعتبر بمثابة احتفالية. ولكن ترامب الذى أراد أن يثير الغبار حول فوز بايدن طلب من «بنس» نائبه، الذى هو فى نفس الوقت رئيس مجلس الشيوخ، أن يمسك الميكروفون ويعلن فوزه هو بالانتخابات!.. لاشك أن مايك بنس كان يتمنى أن يفوز رئيسه حتى يستمر هو فى منصب نائب الرئيس وتتعزز حظوظه فى الترشح للرئاسة المرة القادمة، ومع ذلك فما يطلبه الزلنطحى ترامب لا يمكن تمريره، ولو أن بنس طاوعه لوصم نفسه وأحرق مستقبله السياسى، ولذلك فقد فعل الصواب وأقر بالحقيقة وهى أنه لا يستطيع بشكل أحادى أن يغير النتيجة التى أرادها الشعب الأمريكى. هنا جُن جنون ترامب فكتب تغريدة وبّخ فيها نائبه، وفى الوقت نفسه أعطى الإشارة لأنصاره الذين كانوا يحيطون بالكابيتول هيل فى واشنطن فاندفعوا لاقتحام مبنى الكونجرس من أجل تعطيل عملية تنصيب جو بايدن.
لا يستطيع ترامب التنصل من مسؤوليته عما حدث لأنه هو زعيم الغوغاء الذين كسروا النوافذ ودخلوا المجلس واحتلوا مكاتب النواب. ولقد كان المقتحمون فى غالبيتهم ذوى هيئات غريبة إذ ارتدوا ملابس تشبه جيوش التتار من فراء وجلود دببة وعلى رأسهم قرون، حيث أثاروا فزع رجال الشرطة أنفسهم، أما المغامر الذى جلس على مكتب نانسى بيلوسى ووضع قدميه فوق المكتب فقد بدا بوجهه الملون وقرونه المخيفة شبيهًا بالأخ «بلطاى» فى فيلم «واإسلاماه»، وهو تطور لافت يضاف لإبداعات أبو إيفانكا السياسية!.