بقلم - أسامة غريب
في الصباح الباكر، انطلق جرس الموبايل الذي يضعه حمامة الفلايكى تحت المخدة محدثًا صوتًا مفزعًا. مدَّ حمامة يده وأمسك بالتليفون ووضعه على أذنه.. قبل أن ينطق أتى الصوت من الطرف الآخر أنثويًا ناعمًا به لدغة رقيقة: آلو.. أنا باكينام اللوزى من شركة شعاع العقارية.. هل سيادتك حمامة بيه الفلايكى؟. كبح ضحكة أرادت الخروج قائلًا: أنا هو يا أفندم.- حمامة بيه.. لدينا تشكيلة متنوعة من الفيلات والشاليهات في مشروعنا الجديد وكلها ترى البحر، وقد حصلنا على اسم سيادتك من أحد عملائنا الكبار الذي أوصى بك باعتبارك من محبى اللاند سكيب.
فكّر حمامة في الرد الذي قاله شرحبيل بن نوسة لمدموزيل مثل هذه عندما عرضت عليه الأسبوع الماضى فيلات على اللاجون.. قال: فيلات إيه يا بنت الحلال، أنا بنام باللباس علشان ما أشغلش المروحة!.. لم يشأ الفلايكى أن يرد ردًا مماثلًا، لأن هذا من شأنه أن ينهى المكالمة وهو قد بدأ يستريح لصوتها ولدغتها المحببة.
سألها: قولى لى يا باكينام.. عندكم فيلات صغيرة في حدود 600 متر؟ ردت: عندنا يا أفندم وهى كاملة التشطيب بالفرش والتكييفات. قال: أنا أحب أفرش على ذوقى، وموضوع التكييفات هذا لا أفضله.. أنا أريد فيلا هواها بحرى، ففيمَ الحاجة إلى التكييفات؟. قبل أن ترد عاجلها: ثم إن مَن يريد أن يغلق البلكونات ويسدل الستائر ويجلس في التكييف أولى به أن يشترى مسكنًا في عزبة النخل أو في بولاق الدكرور ما دام سيعزل نفسه عن هوا ربنا!. ردت باكينام بسرعة: معك حق يا أفندم- وأخبار الأسعار إيه يا باكينام؟- لدينا مارجين واسع من الأسعار وطرق السداد تبدأ من 18 مليون حتى 36 مليون مع إمكانية التقسيط على 10 سنوات.- هايل يا بيكى. انطلقت منها ضحكة لذيذة قائلة: عرفت الاسم ده منين يا حمامة بيه؟.. أنا فعلًا أصحابى بيقولوا لى يا بيكى.- أنا بعرف حاجات كتير يا حلوة.. المهم، أنا محتاج تكرمينى في السعر.. أتصور أن لديك صلاحيات لعمل تخفيض للعملاء المميزين. ردت باكينام بثقة: شوف فلايكى بيه.. أنا ممكن أقدم لك خصم مميز بشرط أن تقدم لى قائمة بأسماء وتليفونات أصدقائك الذين ترشحهم للاستفادة من عروضنا الحالية. قال: أنا موافق..عندك يا سيتى إبراهيم كازوز.- بيشتغل إيه كازوز بيه؟- هذا رجل صناعة، عنده معمل لصنع المفتقة بالسمسم، وعندك نعيم شمبانزى صاحب أكبر هايبر ماركت في المنطقة، وكذلك شرحبيل بن نوسة وهذا من العلماء الأفذاذ في بحوث المناخ وقد حصل على جائزة من فنلندا، وكان ممكن أعطيك اسم إسماعيل بالونة لولا العثور على جثته طافية على سطح النهر!. ردت بيكى في فزع: لا لا.. نريد أسماء الأحياء فقط مع العناوين والتليفونات بعد إذنك.
قال حمامة: طلب أخير يا قطة..أريد الكتالوج الخاص بكم. أجابت: طبعًا.. طبعًا. سنرسله لسيادتك مع مندوب.. أعطنى العنوان.- من حسن حظك أننا جميعًا نسكن بنفس المبنى.. اكتبى عندك: 5 حارة وِدن القطة، طريق الرشاح، مسطرد.
لم ترد باكينام بعد أن استمعت إلى العنوان كما لم تغلق الخط. كل ما سمعه حمامة هو صوت صرصور الحقل!.