التفاوض تحت المطرقة

التفاوض تحت المطرقة

التفاوض تحت المطرقة

 صوت الإمارات -

التفاوض تحت المطرقة

أسامة غريب
بقلم - أسامة غريب

ربما يكون هوس التطبيع الذي أنشب مخالبه في الجسد العربى في الآونة الأخيرة هو الذي أغرى أمريكا ومعها إسرائيل بضرورة ترسيم الحدود البحرية مع لبنان الآن. كان هذا الأمر مستبعدًا من الجانب اللبنانى في ضوء غياب المعايير الدولية التي تضمن للدولة اللبنانية الحصول على حقوقها العادلة في ثرواتها البحرية، ولكن تحت ضغط الاقتصاد اللبنانى المتداعى، خصوصًا بعد حادث تفجير المرفأ، فإن القوى المعارضة للتفاوض مع إسرائيل قد انحنت قليلًا للريح حتى تسحب الذرائع ممن يتعجلون الخروج من الأزمة بأى ثمن!. وقد فعلت خيرًا رئاسة الجمهورية اللبنانية عندما أعلنت أن هذا التفاوض لا يعد نوعًا من أنواع التطبيع، وإنما هو عبارة عن تفاوض فنى بين خبراء مختصين ليس أكثر. لكن من الواضح أن التفاوض مع الإسرائيليين عندما يحدث برعاية أمريكية لا تتغير سماته أبدًا..

نفس ما واجهه السادات وواجهه الملك حسين وكذلك ياسر عرفات، أي التفاوض مع العدو في رعاية عدو آخر لا يشغله غير الحصول لحليفه على التنازل تلو التنازل من العرب!. بعد أكثر من جولة تفاوضية، أعلنت الولايات المتحدة عن تعليق جلسة المفاوضات غير المباشرة، وتأجيل الجلسة التي كان من المفترض انعقادها في الثانى من ديسمبر الحالى، بحجة التقريب بين وجهات النظر اللبنانية والإسرائيلية، وإيجاد قاعدة مشتركة للانطلاق من جديد. يطالب الجانب اللبنانى مدعومًا بالخرائط والوثائق بالحصول على كامل الـ 2200 كيلومتر في البحر، بينما تصر إسرائيل على التفاوض حول 863 كيلومترًا، وبطبيعة الحال فقد انحاز الوسيط الأمريكى لوجهة النظر الإسرائيلية مستخدمًا مدفعيته التفاوضية الثقيلة وهوى بها على مائدة المفاوضات فأطفأ الأنوار وسحب أوراقه مهددًا بالرحيل، فإما الانصياع إلى طلبات إسرائيل والتوقيع تحت الحذاء، أو انتظار العقوبات الأمريكية بحق الدولة اللبنانية وكيانات داخلها، علاوة على شخصيات لبنانية أغلبها- للدهشة- ممن عُرفوا بقربهم من أمريكا.

ومن الواضح أن هناك سباقًا مع الزمن خلال الأسابيع القليلة المتبقية من عمر رئاسة دونالد ترامب من أجل الحصول على أقصى مكاسب لإسرائيل على كل الجبهات، وقد تجلى التهديد في تصريحات السفيرة الأمريكية في بيروت «دوروثى شيا» التي قالت بوضوح: «التمسك بالمطالب اللبنانية التي عرضوها يعرقل المفاوضات، وأى شخصية تتورط في عرقلة المفاوضات ستكون عرضة للعقوبات». ولم يختلف موقف المبعوث الأمريكى «جون دروشيه» عن موقف السفيرة أثناء لقائه مع الرئيس اللبنانى ميشيل عون. وهذا لعمرى من عجائب صفحات التفاوض في التاريخ وأكثرها غرابة!، وأعنى أنْ يتم تهديد المفاوضين بأشخاصهم بأنهم سيُمنعون من دخول أمريكا وستصادر أموالهم وسيتعرضون لشتى أنواع العقوبات هم وعائلاتهم إذا ما تمسكوا خلال التفاوض بحقوق الدولة التي يمثلونها!. لهذا أعتقد أن تجميد المفاوضات قد يخدم الطرف اللبنانى إذا ما نجح في امتصاص الهجمة ريثما تستقيم الأمور ويهدأ السُّعار الذي أوجدته هزيمة ترامب الانتخابية، وما حملته هذه الهزيمة من رغبة حارقة في مراكمة المكاسب الإسرائيلية بسرعة على حساب الجثة العربية الهامدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التفاوض تحت المطرقة التفاوض تحت المطرقة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates