شبح عم الحاج

شبح عم الحاج

شبح عم الحاج

 صوت الإمارات -

شبح عم الحاج

بقلم:أسامة غريب

إلى سنوات مضت، كان النداء الذى أسمعه إذا ما استوقفنى أحدهم بالشارع لأى سبب هو: لو سمحت يا كابتن. ثم بعد ذلك تسلل على استحياء نداء آخر صرت أتلقاه بين الفينة والفينة بعد أن أصبحت «أفندى» ببدلة هو: من فضلك يا أستاذ.. وظل الأمر يتأرجح ما بين يا كابتن ويا أستاذ، طبقًا لزاوية الرائى وتقديره لحالتى.

حتى كانت ليلة شكرنى فيها عامل محطة البنزين بعد أن نفحته بقشيشًا محترمًا قائلًا: شكرًا يا حاج!. تسمرت فى مكانى للحظات، ونظرت حولى أتأكد إذا كان الكلام يخصنى ثم حدثت نفسى قائلًا: ربما كان لا يعنى ما يقول أو أن هذا اللقب يمثل قمة التكريم فى محيطه. حاولت أن أفلسف الموضوع لكنى مع ذلك بدأت أتساءل: هل بدا علىّ التدهور واضحًا إلى هذا الحد؟ هل نالت منى الأيام ودخلت بى إلى هذه المنطقة التعسة؟ إن الأمر لا يتعلق فقط بالسن لأنه لو كان ينظر لى بتقدير لنعتنى بالبيه أو الباشا!.

ويبدو أن الزمن أراد أن يضاعف جراحى إذ بعد فترة استوقفنى شخص بالطريق يسأل عن مكتب البريد قائلًا: لو سمحت يا عم الحاج!.. يا إلهى.. لقد نعتنى الملعون بـ عم الحاج، ولا يعنى هذا سوى مزيد من التدهور. إننى لم أفق بعد من تداعيات «يا حاج» فإذا بى أجد نفسى وقد أصبحت عم الحاج.. يا لقسوة الأيام!. وجدتنى أسير فى الشارع متثاقلًا، محطم الخطوات، كهاربٍ ليس يدرى من أين أو أين يمضى. كانت مشكلتى أننى أعرف أن مرحلة «عم الحاج» تختلف اختلافًا بينًّا عن مرحلة «يا حاج» وهو اختلاف فى النوع وفى الدرجة أيضًا، ولا شك فى أننى أصبحت الآن رجلًا بركة لا يؤبه له ولا تخشاه القوارير أو حتى تتحسب لوجوده!.
أصبحت فيما تلا ذلك ميالًا إلى العزلة، وبدأت أشعر بالوهن يدب فى أوصالى، وزارتنى آلام المفاصل والظهر والرقبة، وعافت نفسى الطعام، وطالت جلستى بالمنزل وتحديقى بالسقف. كما ضبطت نفسى أشعر بالحنين إلى الماضى، وأجلس أمام «ماسبيرو زمان» ألتمس دراما الزمن الجميل. ليس هذا فقط، لكن أصبحت أميل للتحفظ بعد أن كنت أحب الضحك والدعابة، وصار كلامى رصينًا محسوبًا بدقة يليق برجل كُبّارة يقال له عم الحاج.

لكن لأن للأيام مفاجآتها اللطيفة فقد حدث ذات يوم أن تعطلت بى السيارة وتوقفت بالصدفة بجوار أحد المخابز المزدحمة، وعندما ترجلت منها لقيتنى رغمًا عنى أقف فى طابور العيش.. وبينما أجاهد للخروج بعيدًا اقتربت منى صبية حسناء كالغزال، ومن بين ابتسامتها الحلوة قالت لى: ممكن بعشرة جنيه عيش معاك والنبى يا كابتن؟ نظرت إليها غير مصدق ثم أخذت أردد بينى وبين نفسى: كابتن.. نعم أنا كابتن. بعد ذلك خضتُ غمار معركة طابور العيش من أجل عيون الغزال الذى أنصفنى وحتى أؤكد جدارتى بلقب كابتن وأطرد شبح لقب عم الحاج!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شبح عم الحاج شبح عم الحاج



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates