اصطِبح وقول يا صُبح

اصطِبح وقول يا صُبح!

اصطِبح وقول يا صُبح!

 صوت الإمارات -

اصطِبح وقول يا صُبح

بقلم:أسامة غريب

فى الشارع الضيق المزدحم بالناس والسيارات، لمحت اثنين يتناوشان بالقول ويعلو صوتهما وهما يجلسان إلى طاولتين متجاورتين بالمقهى الذى فرد طاولاته على الرصيف. من الواضح أن كليهما ضيق الصدر ويبحث عن فرصة ينفس فيها عن غضبه من الأيام. عندما ارتفعت حدة اللهجة أيقنت أن الخطوة القادمة ستكون الانتقال من العنف اللفظى إلى تبادل اللكمات.

من حُسن الحظ أن أولاد الحلال تدخلوا للتحجيز بينهما. أدهشنى أن يحدث هذا كله الساعة السابعة صباحًا حيث يسعى الجميع إلى رزقه، لكن يبدو أن هذين الشخصين من العاطلين بدليل الجلوس على القهوة فى هذه الساعة المبكرة. كان مما لفت نظرى أثناء المشادة اللفظية أن أحدهما قال للآخر بصوت زاعق وعيناه تطقان بالشرر: باقول لك اصطبح وقول يا صبح!.

مضيت فى طريقى أفكر فى هذا القول.. من الواضح أن صاحبه يريد من الآخر أن يُقصر الشر ويسكت، ولكن لماذا كان التعبير عن هذا الطلب بعبارة اصطبح وقول يا صبح؟. ماذا لو أنه رفض أن يصطبح أو أنه وافق أن يصطبح ورفض أن يقول يا صبح!. يبدو أن أولاد البلد تعودوا أن يأخذوا الاصطباحة قبل أن يغادروا البيوت ليضمنوا أن يكون سلوكهم فى الخارج منضبطًا لا يشوبه الانفعال الذى يميز سلوكهم!. والاصطباحة قد تكون بكوب من الشاى مع سندوتش أو بفنجان قهوة مع سيجارة أو بحجر معسل على حسب الظروف. لهذا اعتدنا أن نسمع كلمة «اصطبح» تُقال للشخص العصبى فى الصباح وكأنهم يفهمون أن غضبه راجع إلى افتقاده الاصطباحة المهدئة، أما عندما يُضاف إليها: «وقول يا صبح» فإنه يظهر أنها هنا تأتى مصحوبة بتهديد إذا لم يرعوِ صاحبنا بما يفيد أنه قال: يا صبح!.

على العموم الاصطباحة ليست مقصورة على دنيا أولاد البلد من الحرافيش، لكنها معروفة فى جميع الطبقات والأوساط، وقد سمعنا فى الآونة الأخيرة بعض الشباب الروش يتحدثون عن وجوب عمل «استمورننج»، وهى الترجمة الشيك لكلمة الاصطباحة التى يظنونها مبتذلة.. ومع ذلك يمكننا أن نرصد أصالة المصطلح وقدمه من خلال ما تركه السابقون فى تراثهم الأدبى، فها هو شاعر كبير مثل محمود سامى البارودى باشا، رب السيف والقلم، له أبيات يقول فيها لصاحبه الذى طال نومه: «فاهجر الكَرَى.. واغْدُ نصطبح. فالدُّجَى مضى.. والسَّنَا لمح. والحمام فى.. أيكه صدح. فاتبع الهوى.. حَيْنما سرح. واصطحِب بمَن.. يبعث المرح. فيه للمُنى.. كل مقترح. واحذر الذى.. إن وَعَى سبح». وطبعًا الكرى هو النعاس، واغْدُ فعل أمر من الغدوّ، وهو الوقت أول النهار، أما نصطبح فهى أن نشرب فى الصباح، وهو ضد الغبوق، وهو الشرب آخر النهار. يتضح من هذا أن الأكابر أيضًا يصطبحون، ولهم فى هذا مشروباتهم التى تعدل المزاج على الصبح.

ورغم هذا كله، فإننى على سبيل التغيير أقف فى صف كل مَن يصطبح، لكن يرفض أن يقول: يا صبح!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اصطِبح وقول يا صُبح اصطِبح وقول يا صُبح



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates