بوليس لمواجهة الاعتداءات الجنسية

بوليس لمواجهة الاعتداءات الجنسية

بوليس لمواجهة الاعتداءات الجنسية

 صوت الإمارات -

بوليس لمواجهة الاعتداءات الجنسية

سحر الجعارة
بقلم: سحر الجعارة

أول واقعة تحرش تحولت إلى «قضية رأى عام» كانت «نهى رشدى» فى عام 2008، فكانت أول من تحصل على حكم قضائى بإدانة متحرش، فقد قررت «نهى» ألا تكون «ذبيحة»، وتخبئ جرحها بين ضلوعها.. وواجهت المجتمع بكل شراسته.. بعد أن سلخها المتحرش، وهتك عرضها، ونهش سمعتها وحوّلها من «أنثى» إلى فضيحة!.

وبعد أن انتفض المجتمع فى تظاهرة «نخوة وشهامة» هيمنت عليه «أفكار شيطانية» روج لها «دعاة» يصعدون على جثث النساء إلى عروش الشهرة والثروة والنجومية: (لقد خرجت الضحية بدون حجاب فأسقطت «رخصتها الشرعية» وأصبحت مستباحة).. هكذا أفتى أحد كبار العلماء لنتحول من مرحلة التحرش الجنسى إلى مرحلة «السعار الجنسى» ونهش الأعراض.. فلم يعد فى عقول الشباب إلا ما لقنه لهم «أصحاب العمائم»: فالمرأة كلها «عورة».. أصحاب اللحى منحوا التحرش «حصانة دينية».. فسرقوا أمننا ودمروا السلام الاجتماعى، سرقوا منا الأمان، فأصبحنا «عرايا» نفتش عن «الستر» خلف جدران الصمت والخوف والفزع.

رأينا فى المظاهرات تمزيق ملابس الفتاة إعلانا لثقافة النخاسة.. وكأن «الحجاب» صمم خصيصا للتمييز بين الحرائر والإماء.. حتى أصبحنا فى عيونهم المتحفزة لالتهامنا «جوارى».. نستفز ذكور أحدهم، «لأنه مجرد ذكر هائج وليس رجلا»، فيتهم الأنثى بأنها كمن «تركت السيارة مفتوحة» وكأنها دعوة للسرقة!.

لن أكتب ثانية عن «غض البصر»، ولا عن وردة الرئيس «عبد الفتاح السيسى» التى قدمها للفتاة المتحرش بها، يوم تنصيبه رئيساً للجمهورية، بل سأكتب عن حملة «me too» التى اجتاحت العالم قبل عامين وتسببت فى كشف العديد من الممارسات غير الأخلاقية والفضائح الجنسية. فحين نكون أمام 100 سيدة وفتاة، «دون السن القانونية»، تعرضن للتحرش من فرد واحد، نصبح أمام محترف فى اغتيال الشرف، مجرم بالفطرة تحكمه غرائزه وتحرضه شهواته على ابتزاز ضحاياه ليتكرر الاغتصاب مرة تلو الأخرى. مجموعة من الفتيات، قمن قبل أيام بإنشاء مجموعة على موقع «إنستجرام» أطلقوا عليها، «بوليس الاعتداءات الجنسية»، لتجميع أدلة اتهام ضد هذا الشاب... وتضمنت المجموعة سرد شهادات لأكثر من خمسين فتاة فى وقائع اغتصاب وتحرش جنسى قام بها الشاب، فضلاً عن رسائل نصية وصوتية خادشة للحياء أرسلها لهن.. ووقائع اعتداءات جنسية وحشية.

الصدمة التى هزت المجتمع بدأت من مواقع التواصل الاجتماعى لتصل إلى النيابة العامة، وبحسب بيان النيابة فقد تقدمت فتاة واحدة بشكوى عبر الموقع الإلكترونى للنيابة، أبلغت فيها عن واقعة تهديد الشاب لها فى نوفمبر 2016 لممارسة الرذيلة معه.

وبالفعل تم القبض على الشاب «أ.ب.ز» للتحقيق معه، وأصدر المجلس القومى للمرأة بيانا يحث جميع الفتيات المعتدى عليهن على التقدم ببلاغ رسمى ضد هذا الشاب، حتى ينال عقابه ويكون عبرة لكل من تسول له نفسه المساس بالفتيات والتحرش بهن.. وقالت «مايا مرسى»، رئيسة المجلس، إن الفتيات اللاتى تحدثن على مواقع التواصل الاجتماعى عن تحرش الشاب بهن يترددن فى تقديم البلاغات خشية التشهير، وأكدت «مرسى» على ضرورة أن يتقدم المجنى عليهن ببلاغ ضد المتهم.

وهنا تكمن المأساة، الضحية تقف فى قفص الاتهام، يجلدها المجتمع، يفترس شرفها وينتهك كرامتها ويشوى لحمها على نار النميمة وخيالات العهر الأسطورية.. يحاصرها بـ«مشانق الفضيحة» المعلقة على أعتاب البيوت المغلقة على «عاهات» صنعها شاب سادى يتلذذ بتعذيب ضحاياه.

لقد أجمعت قصص الضحايا على أنه كان يلاحق حساباتهن على السوشال ميديا حتى يرضخن له.. ومن تقبل صداقته فى «العالم الافتراضى» تكون قد سقطت فى مستنقع الذئب البشرى: يبدأ بالتحرش بهن والاعتداء عليهن جسديا، ويصور بعض هذه المشاهد ڤيديو، ويهدد بها الفتيات فى حالة إنهاء العلاقة أو رفض القيام بأفعال مخلة بالأداب. لقد تجاوزت جرائمه كل مرحلة السعار الجنسى لتتحول إلى «جريمة منظمة» تتوافر فيها كل أركان الجريمة.

آخر إحصاء لمركز «التعبئة والإحصاء» عن عامى 2016/ 2017، يفيد بأن 99% من الفتيات تعرضن للتحرش فى الشارع والمواصلات العامة وجهة العمل.. أما آن الأوان أن نحتضن ونخلق بيئة عادلة تحقق «القصاص» لرفع المعاناة عمن تعرضت للتحرش؟!.

فليكن «بوليس الاعتداءات الجنسية».. أو me too عنوانا للبوح والكشف حتى ينال الوحش البشرى عقابه بدلا من سلخ الضحية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوليس لمواجهة الاعتداءات الجنسية بوليس لمواجهة الاعتداءات الجنسية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:03 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 09:10 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير البيئة والمياه يكرّم مصمم لعبة "أبحر"

GMT 19:20 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

القبض على أسقف في الفاتيكان بتهمة الاختلاس

GMT 19:06 2013 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

علمى طفلك كيف يتصرف بطريقة جيدة

GMT 19:23 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

مطالبات في بريطانيا بحظر بيع هواتف محمولة بحجم أصبع اليد

GMT 08:44 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الإضاءة المناسبة للتغلب على ضيق المساحات

GMT 08:11 2019 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

أبرز صيحات الحقائب من أسبوع الموضة في ميلانو لخريف 2019

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

جزر الكناري تخفض أسعارها للرحلات الشتوية

GMT 02:50 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

الاتّكالُ على أميركا رهانٌ مُقلِق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates