كورونا يعيد هيكلة العالم

كورونا يعيد هيكلة العالم

كورونا يعيد هيكلة العالم

 صوت الإمارات -

كورونا يعيد هيكلة العالم

سحر الجعارة
بقلم: سحر الجعارة

لم يكن غريبا أن تنتقل الحياة بأكملها من أرض الواقع إلى «العالم الإفتراضى»، وكأننا فى ساعات «الحظر» نهرب من الموت إليه، نتقصى أخبار الوباء العالمى «كورونا»، ونتأمل تساوى الرؤوس وخضوعها أمام جلال الموت «من الأمير إلى الغفير».. نتابع التظاهرات المناهضة لكورونا والأئمة الذين رفضوا- من قبل- تعليق صلاة الجماعة، والإمبراطوريات الاقتصادية «التى تنهار» وحركة الشلل التى أصابت العالم.. تلك التى يخترقها شباب يتعامل مع الفيروس بـ «الألش» أو عمامة تترنح بالدعاء لـ «رفع البلاء».. الأمهات المذعورات على أطفالهن، والأطفال الذين خرجوا إلى «البلاج» للاستمتاع بمنهج قاتل للإجازة.. وحكام العالم الحائرون المرتبكون.. كل هؤلاء فى مشهد عبثى.. بدون ترتيب ولا أسبقية لمشهد على الآخر ولا لمنصب على الآخر.. كل هؤلاء مجرد مشاهد متقاطعة يرصدها «عداد الموت» الذى يحصى ضحايا كورونا وأعداد الوفيات فى كل دول العالم.. إنه الوجه الحقيقى للعالم اليوم!.

العالم اليوم فقد عقله، فقد سيطرته على أدواته، ويمكن أن تلخصه بكلمة واحدة: «العجز».. لقد سقطت «نظرية المؤامرة» فى تفسير التفشى العالمى للكورونا الوباء الجائحة.. فجيوش العالم أجمع التى تنافست على المركز الأول فى التسليح، وسجلت أسبقيتها فى سجل تخليق «سلاح بيولوجى» يقضى على البشرية، وأقامت حروبا دبلوماسية وعكسرية للصراع حول امتلاك «الأسلحة النووية».. والدول العظمى التى احتلت الدول التعيسة «العربية تحديدا» بزعم امتلاك «أسلحة كيماوية».. كل هؤلاء من صناع الفوضى فى العالم لم يفلحوا فى الوصول إلى تفسير علمى للظهور المفاجئ لفيروس غامض افترس البشرية بوحشية وسرعة عجيبة.. فلم تمنعه تأشيرة عبور ولم يوقفه قرار «فيتو»!.

العالم الآن يتم إعادة صياغته، وفقا لمنهج بيريسترويكا كورونا- إن جاز التعبير- تتبدل ملامحه ليتحول إلى «عالم رقمى» يتضاءل فيه العامل البشرى، ويحل «التباعد الاجتماعى» مكان احتكاك الثقافات، يعيد ترتيب أجندة أولوياته ليصبح «البحث العلمى» أهم من سباق التسليح، وتصبح القوى العظمى لمن يمتلك «براءة الاختراع» للقاح أو تكنولوجيا تتيح التواصل «بدون لمس»!.

سوف يعاد تشكيل النخبة- كما أتوقع- بحيث يصبح العلماء والأطباء ورجال القوات المسلحة والشرطة هم «كريمة المجتمع» بدلا من الأثرياء ونجوم الفن والرياضة وغيرهم، فلا يمكن لدولة أن تحظر التجوال دون جيش يحمى الحدود أو معمل أبحاث علمية وغرفة عناية مركزية تفك «الحظر» الذى تضبطه الشرطة.. أما بعض الأثرياء «بكل أطيافهم» فقد يتخبطون طويلا فى أزمة اقتصادية يعانى منها العالم الآن.

سوف يكون «الإعلام» الذى يتحرى الموضوعية ويكشف الحقيقة أحد العناصر المهمة وسوف يطرد من الساحة «الإعلام المضلل» الذى انكشف زيفه مثلا فى «تركيا وإيران».. كما أن العالم الرقمى يقوم بالإساس على حرية «تداول المعلومات» والشفافية المطلقة.. لكن فى القلب من هذا سوف تشكل الشائعات «جائحة» أخرى لأن الحروب والصراعات سوف تنتقل من الحدود الدولية إلى المنصات الإلكترونية.

سوف نسمع الكثير والكثير من التحليلات العلمية والاقتصادية، بينما تتراجع من المشهد مصطلحات «خبير إستراتيجى أو رجل دين».. سيعود مصطلح «البقاء للأصلح» إلى الحياة وتندثر عبارة «البقاء للأتقى» فسوف يسقط الكهنوت الدينى الذى هيمن على دول كثيرة وتصبح العلاقة بين الإنسان وربه علاقة «شديدة الخصوصية».. سوف تنقل «أسرار البشرية» من ثقافة «الاعتراف» إلى ثقافة «الوعى الصحى».. أتصور أن مجاذيب المعجزات الوهمية لا ينتظرون «معجزة بيولوجية»، كالتى بشرت بها العالمة البيولوجية، «أنشا بارانوفا»،أستاذة الأحياء البيولوجية فى GMU School of Systems Biology فى الولايات المتحدة الأمريكية، معجزة تقضى على وباء كورونا، كأن يسيطر الطقس الحار لفترات طويلة أو أن يضعف الفيروس فجأة خلال انتقاله من إنسان لآخر.. فمعظم الدراويش لا يعترفون إلا بالإعجاز العلمى للقرآن، ومعجزات فك المربوط وجلب الغائب.. ولنضع فى الحسبان أن العامل الاقتصادى كان وسيظل يتحكم فى حركة هؤلاء.. وهم خارج العالم الرقمى الذى لا يعترف بالجهلاء أو المغيبين.. ويمكن أن تعتبر أن «الشائعة والخرافة» فيروسات مرحلة ما بعد «كورونا». كانت هذه قراءة فى كف الغيب، ومحاولة لتصور مفاهيم وآليات العصر القادم، فى ضوء المؤشرات الحالية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا يعيد هيكلة العالم كورونا يعيد هيكلة العالم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates