زوجة مع إيقاف التنفيذ

زوجة مع إيقاف التنفيذ

زوجة مع إيقاف التنفيذ

 صوت الإمارات -

زوجة مع إيقاف التنفيذ

سحر الجعارة
بقلم: سحر الجعارة

استقبلت عامها العشرين مثل قطة واعدة بالنعومة والشقاوة.. الطفلة الكامنة بأعماقها تتحرر.. تطلق ضفيرتها من أسر العائلة.. تخلع أساور «العار» و«العورة».

فارسها سيطرق الباب، سيأتى اليوم لتتعطر وترتدى ثيابًا ملونة تبرز مفاتنها.. ربما يتملكها الحياء.. أو يصادر الخوف فرحتها ليلة الزفاف.. لكنها ستنضج سريعا مثل نساء البلدة. ستعلم البدر كيف يستدير.. وتسرق حنجرة العصفور لتغنى.. وتكحل عينيها - كل صباح - بصورة زوجها: سطوة الزوج أكثر رحمة من سلطة «الأب».

هناك فى صعيد مصر: «آباء» ظالمون.. أكثر عنفا.. كلهم أوصياء: فى المسجد، فى الكنيسة، فى الدار. «الشرف» ملكية عائلية.. والسلاح مشرع للثأر.. وأنا مجرد «ذبيحة» تجر إلى رجل آخر، أحيانا حقنًا للدماء.

جسدى، وعقلى، وأحلامى، وشهادتى الجامعية ملكهم.. ميراثى من أمى لهم.. إنهم أسياد ونحن جوارى.. نعجن خبزهم بدموعنا، ونسويه على نار حسرتنا.

خلف الأبواب الموصدة نخلع عنا السواد، لنبيت فى أحضان الوحدة.

لم أرَ أمى تضحك طوال حياتها، ولا بكاها أبى يوم ماتت.. الرجال بلا دمع!. وضعها فى تابوت فخم يليق بمكانة العائلة.. حين ألقيت عليها نظرة الوداع لمحت بسمة تكسى ملامحها.. إنها ابتسامة الخلاص. تغيرت ملامح بلدتى، فلا هى مدينة تحتضن الجامعيات، ولا قرية تنادينا للفلاحة. المبانى الجديدة دخيلة على أصالتها.. المدنية هزمت كبرياء النخيل حتى انحنى.. البلدة فقدت عذريتها، تلوثت بشركات السياحة، والعمارات المرتفعة.. وحدها المرأة بقيت على حالها!. كان صوت طلقات الأعيرة النارية وزغاريد النسوة يفزعنى.. وحالة من التشاؤم تتلبسنى وكأننى أُزف إلى قبر. لماذا نعيش فى عزلة بعيدًا عن أهالى البلدة؟.. نختبئ فى «جيتو» مغلق وكأننا فارون من إرهابى عابر يتربص بديننا. الأسلحة البيضاء تتربص بنا على أبواب الكنيسة.. حتى صرنا خائفين من كل شىء.. نخاف على أعراض الصبايا أن يختطفها غراب من غير ملتنا.. ترى هل الإرهاب كائن خرافى صنعناه فى خيالنا؟. منيت نفسى مجددا بليلة عرس منزوعة الخوف، أشعلت شمعة للسيدة «العذراء» البتول.. عَلّنى أبرأ من عقدة الخوف. من عتبة الكنيسة إلى عتبة الدار.. البنات يتراجعن بأحلامهن الصغيرة، والنساء يحاصرن خصرى وهن متشحات بالسواد.. الرجال شهيتهم مفتوحة لرؤية دمائى.. وأنا مستسلمة تماما: لِمَ لا يتركوننى وزوجى؟. داخل بقعة الشرف المؤنثة اخترقتنى يد إحداهن.. سرقتنى غيبوبة الألم، ومازلت أسأل: لماذا يتلذذون بانتزاع البكارة من أجسادنا عنوة؟. فى الليلة الأولى تركنى زوجى لأستريح.. تركنى طويلًا.. أتممت أسبوعًا دون أن يمسنى!. حين لمس شفتى للمرة الأولى أحسست أن الحياة تستحق الخوف، عبث بلحمى بتوتر شديد، ثم نهض غاضبًا: «باردة»!. كنت أتلقى حمم الغضب بجهل شديد، لا أعرف سببًا لثورته.. ثلاث سنوات مضت فى صمت، عمتى تسألنى عن «جنين» فى الطريق فأبتلع لسانى خجلًا. عمتى: أباكِ يسأل عن موعد قدوم «الحفيد». يا عمة.. أنا نصف عذراء.. زوجى «عنين» يعاند مجرد رغبتى فى الذهاب لطبيب.. رشقتنى عمتى بنظرة تهديد: لقد كتبت عليك السماء «التبتل».. لكن أنا فى «دار» ولست فى «دير».. لو شئت «الرهبنة» لما بقيت هنا!. هذا الزواج «باطل»!.. ترد العمة فى حياد: انقضت المدة القانونية لإثبات ذلك فلا داعى للفضائح. عشر سنوات مضت وأنا محكومة بزيجة أبدية.. أموت كل ليلة.. زوجى يقتص لعجزه بتلوين جسدى ببصمات العنف.. تصلبنى إرادة عائلة تفضل قتل الأنثى على تطليقها. أسمع حديثا هامشيا حول مناقشات غاضبة: العلمانيون الأقباط يرون الرحمة فى لائحة 38، والكنيسة غاضبة من دعاة الزواج الثانى.. شابات يبحثن عن سبيل للطلاق.. وشباب ينتظرون التصريح بالزواج. وفجأة، حادث مروع يفرض شريعته على الجميع: ماتت «إيرين»: فى الغرفة 902 بأحد فنادق الإسكندرية، ماتت عروس السماء.. قتلها الزوج ليحصل على لقب «أرمل».. خنقها دون وَجَل. ماتت «إرين».. عنوان صفقة مع الشيطان، لينتصر الزوج على قانون الأحوال الشخصية المجحف ويهزم عدالة القصاص. ما زلت أتذكر «إيرين» وأبكى جسدى المعطل عن الحياة، رحمى التواق للإنجاب.. وأسمع صخبًا جديدًا حول «مؤامرة طلاق» تخنق الأطفال بخيوط الفضيحة لترضخ الأم!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوجة مع إيقاف التنفيذ زوجة مع إيقاف التنفيذ



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates