بقلم: سحر الجعارة
بينما يدرس العالم أجمع طرق انتقال فيروس «كوفيد- 19 المستجد»، اتضح أن المرأة هى سبب الداء والبلاء، وأنها من تنقل الفيروس إلى الرجال.. هذا رأى العلّامة الإيرانى المثير للجدل «عباس تبريزيان»، الملقب فى إيران بـ «أبو الطب الإسلامى».. فقد كتب «تبريزيان» على تطبيق تليجرام: (احتمال إصابة الرجال بفيروس كوفيد 19 عبر الهواء ومن شخص إلى شخص آخر غير موجود بتاتا، وهذا الأمر يخص النساء فقط، وينقل أساسا من النساء إلى الرجال، وذلك فى حالة التماس المباشر).
وبالتالى أفتى من يلقب نفسه بـ «آية الله» بأن الرجال يقومون بأنشطة كثيرة خارج البيت، وبالتالى لا يجوز لهم ارتداء الكمامة وتغطية وجوههم لفترات طويلة سيؤدى إلى الإصابة بالأضرار والأمراض، نتيجة لتراكم غاز ثانى أوكسيد الكربون خلف الكمامة.. أما المرأة التى تلتزم المنزل فعليها أن ترتدى الكمامة!!.
«تبريزيان» يعرض على موقعه الإلكترونى الأدوية العشبية والطبيعية.. فمن الواضح أن إيران غرقت فى مستنقع الخرافة والدجل منذ تولى الإسلاميين السلطة منذ 40 عاما.
لكن المثير أن الاتجار بما يسمى «الطب النبوى» سيناريو متكرر بين السنة والشيعة، وإذا كانت سطوة رجال الدين فى دولة دينية مثل إيران أقوى، فهذا يفسر لماذا يزداد معدل «الخلل العقلى» لكهنة الدين خاصة فى ظل جائحة مثل كورونا!.
فى نوفمبر الماضى، قام «تبريزيان» بإحراق كتاب دليل هاريسون للطب بحضور عدد من مؤيديه ومجموعة من طلابه، ما أثار انتقادات واسعة فى إيران وتداول وسائل التواصل الاجتماعى الناطقة بالفارسية.
وقبل ذلك بشهر، صنف «تبريزيان» كتاب أساسيات الطب الداخلى أيضا ضمن «خطة النفوذ الصهيونى والأمريكى والاستكبار العالمى» للقضاء على الثورة الإيرانية، الأمر الذى أثار احتجاجات فى الأوساط العلمية، خاصة الطبية الإيرانية.
المؤلم أن إيران، (رغم اختلافنا معها سياسيا)، أصبحت بؤرة لتفشى كورونا فى الشرق الأوسط، وما زالت تسجّل أعلى إصابات بين دول المنطقة بفيروس كورونا المستجد، إلا أن «الهلاوس الدينية» مستمرة فى قتل الأرواح البريئة باسم «الطب النبوى» ونظرية المؤامرة!.
فقد زعم خطيب صلاة الجمعة فى مدينة قم الإيرانية، عباس موسوى مطلق، أن الوباء ما هو إلا فيروس (علمانى يستهدف المجتمعات المتدينة لحرفها عن الدين، ويحاول بآثاره المدمرة دفعها إلى الضلال)، بحسب تعبيره.. وحتى تكتمل منظومة الشعوذة، اتهم المرشد الإيرانى «على خامنئي»، واشنطن، مارس الماضى، بـ«تخليق» فيروس كورونا، وذلك «بشكل يتناسب مع جينات الإيرانيين»، رافضاً العرض الأمريكى لمساعدة طهران فى مكافحة المرض.. ورفض رجال الدين والحرس الثورى فى البداية إغلاق المواقع والمزارات الدينية والمساجد فى الأسابيع الأولى للوباء، بذريعة أنها «أماكن مقدسة لا تضر بزائريها»، بحسب تعبيرهم!.
لا تتساءل عن وزارة الصحة هناك، فعلى ما يبدو أنها بلا قيمة، وتعليماتها لا تسرى إلا على وسائل الإعلام التى تتناقلها.. فنائب وزير الصحة الإيرانى «رضا ملك زاده» كان يدعو الناس للأخذ بالتوصيات الصحية، مع تسارع انتشار موجة جديدة فى إيران.. وفى الوقت نفسه، ظهر أحد تلامذة «تبريزيان» وادعى قدرته على علاج فيروس كورونا، وبثَّ فيديو وهو يقوم بمعالجة بعض المصابين بكورونا، ويضع بواسطة أصابعه سائلًا (يُسمِّيه العطر النبوى) على أفواه وأنوف المرضى.. وبعد وفاة مريض ممن عالجهم، صدر أمر قضائى باعتقاله ومحاسبة العاملين فى المستشفى!. «الطاووس الإيرانى» يترنح، تنهار مناعته بفعل الغيبوبة الفكرية، وربما يسقط مشروع «ملالى إيران» للتمدد وإشعال الحروب فى المنطقة.. هذا المشهد المرعب يحدث عندنا.. من الإعجاز العلمى فى القرآن إلى «الشلولو».. من دكاكين العطارة التى تبيع الحبة السوداء بنكهة الدين، إلى الرقية الشرعية.. ومن معاداة الطب وكراهية العلم إلى تكفير العلماء أنفسهم، واعتبار الجائحة «عقابا إلهيا» للكفرة وجندًا من الله لمجتمع لا يطبق شريعتهم: (وطء البهيمة، وحد الحرابة، وأكل لحم الأسير.. إلخ).
كُتب الطب ليست مقدسة، لكن الإنسان له حرمة وقدسية لا يحميها إلا العلم الذى يعتبره كهنة الأديان «كفرًا وزندقة».. نحن نغرق فى دوامة «الطب النبوى» حتى نفقد الوعى وندخل فى غيبوبة «الجهل المقدس».