الخفافيش ونظرية «العقاب الإلهي»

الخفافيش ونظرية «العقاب الإلهي»

الخفافيش ونظرية «العقاب الإلهي»

 صوت الإمارات -

الخفافيش ونظرية «العقاب الإلهي»

سحر الجعارة
بقلم: سحر الجعارة

كلما وقعت كارثة طبيعية «بركان، فيضان، زلزال... إلخ» خرجت علينا أصوات تنذرنا وتحذرنا وتنهرنا بزعم أنه «غضب من الله»!. «تسونامى اليابان» أو حرائق «الأمازون وهى رئة العالم» هى عقاب من الله للغرب الكافر الذى لا يطبق حدود الله ويسمح بزواج المثليين، وكأنها ليست بلدانًا وهبت البشرية العلم والتقدم التكنولوجى وعباقرة الطب وعلوم الفضاء، واكتشفوا العديد من الأدوية لعلاجات مستعصية كادت تقضى على دول «العالم الثالث» الذى يخرج منه بعض جهابذة الدين الآن ليقولوا إن فيروس «كورونا» القاتل هو «عدالة السماء» الكفيلة بالقضاء على ملايين الفقراء فى «الصين والشرق الأقصى بل والأوسط»!.

هذا التبرير المعادى للبشرية، الذى يلخص علاقة الإنسان بربه فى «الثعبان الأقرع وعذاب القبر»، رأى فى «الإيدز» أن الجزاء من جنس العمل، لأنه ينتقل عن طريق الاتصال الجنسى.. فلم ينتبه أحد، حتى ضرب الزلزال مصر، فى أكتوبر 1992، وسقطت معظم المبانى القديمة، وتحولت الأنقاض إلى مدافن للفقراء، وتصدعت بعض البنايات الجديدة بسبب الفساد والغش فى مواد البناء، فخرجت علينا الأصوات السلفية تحذرنا لترهبنا بنظرية «العقاب»، ولم يفسر لنا أحد: ما الذنب الذى اقترفه فقراء مصر، ممن باتوا أياماً وليالى فى العراء، وعاشوا فى مخيمات، وتسولوا الخبز والماء.. ليعاقبهم الله؟!. قد يبدو السؤال عبثيًا: هل ربنا سبحانه وتعالى يكره الفقراء؟.. لكن البحث عن إجابته قد يكشف حالة الضلالات الفكرية والدروشة الجماعية التى نعيشها.. لقد اختزلنا تطبيق العقاب الإلهى على تارك اللحية أو السافرة، وتركنا «تجار الدين» الذين باركوا «توظيف الأموال» وهى أكبر عملية نصب على فقراء مصر، وغضوا الطرف عن السادة المرتشين مادامت «هيئة الرقابة الإدارية» تضبطه بمسبحة وعلى مكتبه «مصحف»!.

وأدخلوا البسطاء متاهة العلاج ببول الإبل والحجامة، بينما «الصين» اكتشفت الآن عقارًا لعلاج فيروس كورونا، تم اختباره بنجاح على 7 مصابين.. فخلال الأيام الماضية، تم تسجيل مئات الحالات المصابة، وأكثر من ألف حالة و15 حالة وفاة جراء المرض.. وأمرت الحكومة الصينية قاطنى مدينة «ووهان» الصينية بعدم مغادرتها وبقائهم فى أماكنهم لمدة 14 يومًا، كما عزلت السلطات الصينية أكثر من 11 مليون مواطن، لمحاولة وقف تفشى الفيروس.

إنه وباء على وشك أن يجتاح العالم رغم محدودية انتشاره حتى الآن، لكنه مرشح للانتشار مثلما حدث عام 2003 حينما تفشى فيروس سارس القاتل والذى أودى بحياة نحو 800 شخص فى الصين.. وباء ينتشر من خلال السعال والعطس، مما يجعله شديد العدوى، لأنه ينتقل عن طريق اللعاب ويصيب الرئتين. ولا تظهر أعراضه بشكل مباشر، لكنها تستغرق ما بين يومين و14 يومًا حتى تظهر.. وهذا معناه أنك «محاصر»!.

نعم أنت «التقى الورع»، الذى ربما تفكر فى أداء العمرة أو الحج، بنفس المنطق الذى فرضته على الآخرين «الحسنة تخص والسيئة تعم».. فهل تذهب لتؤدى الركن الخامس من الإسلام- مثلا- فتصاب بفيروس قاتل؟.. ولم لا؟.. إذا اعتبرته عقابًا سماويًا للبشرية التى نسيت الله وغرقت فى ملذات الحياة فأنت «لست الاستثناء».. والزحام هو أكثر الأماكن المهيأة لنقل الفيروسات، والحج يأتيه المسلمون من كل أركان الأرض.. فكيف توصف هذا الاحتمال فى حال تفشى فيروس كورونا؟.

فى هذه المرة الفقير أنعم الله عليه بنعمة العجز ماديًا عن أداء الفريضة «لعدم الاستطاعة»، «أتحدث عن فقراء مصر المحروسة»، فأول ما يفعله انتشار أى وباء هو تقييد حركة السفر.. لنقل إن الله ابتلى فقراء الصين بـ«شوربة الخفافيش» التى تعد من الأكلات الشعبية الغريبة فى الصين، ويرجح أنها تسببت فى فيروس كورونا.. أما فقراء مصر فابتلاهم الله بخفافيش من نوع آخر شديد الخطورة يقتات من مص دمائهم!.

ومثل أى مصاص دماء نقل الفيروس الملعون للمصابين به، لنرى حالة «الهوس الدينى» الجماعية، والدفاع المستميت عن ثقافة «داعش»: (أكل لحم الأسير ومفاخذة الرضيعة وسبى النساء والإرهاب باسم الجهاد).. «الخفافيش» صورت لنا أننا نواجه «لعنة السماء».. و«الدراويش» صدقوهم وروّجوا لهم وساروا خلفهم مثل قطيع غنم لا يعرف من يقوده!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخفافيش ونظرية «العقاب الإلهي» الخفافيش ونظرية «العقاب الإلهي»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates