بقلم: سحر الجعارة
( كنت حزينة ومكتئبة ومترددة وغير مقتنعة بما أفعل، قابلت انتقادات وهجومًا شرسًا حين أديت أدوارى وأنا أرتدى «باروكة» كنت مقسومة نصفين ولم أكن راضية عن نفسى).. كانت هذه كلمات النجمة «صابرين» على الهاتف- أمس الأول- بعدما فوجئت بانتشار صورة مشرقة لها بدون «حجاب»!.
وانتابتنا حالة حنين إلى الماضى «نوستالجيا»، وأخذنا نتذكر أول مرة التقينا فيها، كانت «صابرين» فى عز تألقها بعد أن قدمت العديد من الأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية والفوازير الاستعراضية «المناسبات».. وتوجت نجاحها بتجسيد شخصية السيدة «أم كلثوم».
فى بلاتوه تصوير مسلسل «أم كلثوم» كان اللقاء الأول، الفراشة «صابرين» تلتزم بتعليمات المخرجة الصارمة «إنعام محمد على»، فتزيد من وزنها لتقترب من شكل سيدة الغناء العربى، وتنفذ التعليمات بدقة، لدرجة أنها غرست أظافرها فى كفها فى أحد المشاهد.. ثم كان اللقاء الثانى خلال احتفالها بالنجاح الساحق للمسلسل.
فجأة، ارتدت «صابرين» الحجاب، وبدا الأمر وكأنها قد وصلت إلى قمة النجاح، وأنها لن تستطيع أن تنافس نفسها على الشاشة، ولن تتجاوز «سقف النجاح».. فانسحبت فى هدوء واختفت لسنوات.. واحترمنا جميعًا رغبتها واتساقها مع نفسها وحريتها الشخصية فى ارتداء الحجاب أو حتى اعتزال الفن.
صحيح كنا نفتقدها ونشعر بأنها تركت فراغًا فى مجال التمثيل والاستعراض لن تعوضه غيرها من النجمات.. حتى عادت «صابرين» ولكن بـ«لوك» مختلف أثار جدلاً واسعًا، فبعدما اعتدنا عودة النجمات للتمثيل بالحجاب قررت «صابرين» ارتداء الشعر المستعار «الباروكة» وكان مسلسل «شيخ العرب همام» أول مسلسل تقدمه «صابرين» مرتدية الباروكة، وقالت إنها استشارت رجال الدين حول ارتداء الشعر المستعار وأفادوها بأنه لا مانع طالما أنها لا تظهر الشعر الحقيقى.
وكالعادة انهالت عليها الاتهامات، وبدلاً من الحديث عن فنها وأدائها تحول الحديث إلى مظهرها وحياتها الشخصية وتدخل الجميع فى شؤونها الخاصة وتعرضها لضائقة مالية.. لم تعد الفراشة الملونة التى كانت تبهرنا وتدهشنا وتبهجنا بنفس الوهج والتألق.. كانت فى عينيها نظرة حزن وحيرة حتى لو كانت تقدم مشهدًا سعيدًا!.
فى عام 2011 كانت أول مرة ألتقيها بعد الحجاب (خلال تصوير أحد البرامج)، «صابرين» هى نفسها بعفويتها وتلقائيتها وعشقها للحياة، بضحكتها الشقية ولمعة عيونها، بصراحتها المعهودة وتدفقها فى الحديث، واثقة من نفسها.. من مظهرها.. وحين تحدثها عن الحجاب والباروكة تقول لك بشجاعة: «أنا محتشمة».. لم تتغير إذن «صابرين» لم تكره الفن، لم تخرج فى أى برنامج لتحرم الفن أو تدعى أنها «تابت» عن مشاهد «حرام».. لم تندم على الفرح الذى منحته لجمهورها ولا تقمصت دور «الداعية الإسلامية».. لم تفت فى الدين أو تلعن الاستعراض.. كل ما قالته متعلقًا بالدين كان منقولاً عن علماء الإسلام ورأيهم فى التمثيل بشعر مستعار.
وظلت «صابرين» متمسكة بهذا المنهج فى سلوكها وقدمت العديد من المسلسلات، ولاقت هجومًا من النقاد وأثارت جدلًا واسعًا.. فالبعض لم يقتنع بأدائها وهى تردى شعرًا مستعارًا.
حين رأيت صورتها بدون حجاب على موقعى «إنسجرام وفيسبوك» اتصلت بها لأتأكد من صحة الخبر، فالصورة بشعر أصفر تبدو فيها «صابرين» أصغر بعشرين عامًا، وزنها انخفض كثيرا، ابتسامتها واثقة وراضية.. وجاءنى صوتها: (نعم خلعت «التيربون» ولم أكن أعتبره حجابًا، أنا متصالحة مع نفسى الآن، لم أعد متناقضة، أعرف أننى سأقابل هجومًا عنيفًا حتى أولادى وزوجى رفضوا قرارى فى البداية، لقد اخترت ونفذت قرارى بوعى واقتناع).. عادت «صابرين» طفلة شقية لكنها تتحدث برصانة امرأة ناضجة عاشت تجربة طويلة نجحت وانكسرت خلالها.. انطلقت وانطفأ بعض من بريقها.. لم أعلق إلا بجملة بسيطة: (أنت «حرة» ولا يملك أحد أن يحاسبك إلا الله عز وجل، لا أحد يملك مناقشة علاقتك بربك ولا مراجعة ضميرك ولا سلب إرادتك.. أهم شىء أن تعيشى فى سلام داخلى ولا تستسلمى لحملات التكفير والترهيب).
يا صديقتى: أنت وجهك مشرق وطلتك رائعة.. بطرحة أو باروكة أو بشعرك.. المهم «كونى نفسك».