بقلم: كريمة كمال
نظرت اللجنة التشريعية بالبرلمان المصرى تعديلًا تشريعيًا خاصًا بالزواج، وهو الذي يحدد سن الزواج بثمانية عشر عاما، ورغم أن هذا يتفق مع تحديد سن الطفولة إلا أن ممثل حزب النور اعترض وعبر عن أن في هذا تحريما للحلال وتحليلا للحرام، قائلا إن سن البلوغ هو خمسة عشر عاما مما يتيح للفتاة الزواج في هذه السن، والواقع أنه يجب التصدى بكل قوة لمثل هذا الاتجاه الذي يبيح زواج القاصرات، بل إن القانون الذي يصدر يجب أن يجرم زواج القاصرات، وتشديد العقوبة على من يخالف ذلك لتصل إلى السجن المشدد في حالة التحايل على القانون أو في حالة إتمام الزواج دون توثيق، وهو الذي كثيرا ما يحدث حيث يتم الزواج دون توثيق ثم يتم التوثيق عندما تصل الفتاة للسن القانونية، وكثيرا ما يحدث أن تُطلق الفتاة قبل التوثيق مما يُبقى الزواج غير صحيح، خاصة إذا ما رفض الزوج التوثيق من باب العند.
للأسف زواج القاصرات منتشر في مصر بشكل كبير، ليس في ريف مصر فقط بل أيضا في الحضر رغم كل المشاكل التي تنتج عنه، ورغم أن مصر قد وقّعت على كل الاتفاقيات والمواثيق التي تحول دونه، كالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والميثاق الإفريقى لحقوق الطفل ورفاهيته، التي تنص إحدى مواده على (حظر زواج الأطفال أو خطبة البنات والبنين، ويجب اتخاذ تدابير فعالة بما فيها القوانين لتحديد السن الأدنى اللازمة للزواج، وهى 18 سنة، ويجعل قيد الزواج إلزاميا في سجل رسمى).
إن زواج القاصرات يعد انتهاكا لحقوق الإنسان، فهو يحرم الفتيات من حقهن في اختيار من ومتى يتزوجن، كما يحرمهن من حقهن في التعليم، فالفتاة تتزوج وسرعان ما تحمل فتنقطع عن الدراسة تماما، كما أن الزواج المبكر يحرمهن من فرصتهن في الحصول على وظيفة، بل إن الأسوأ من كل هذا أن الفتيات اللاتى يتزوجن في سن مبكرة يتعرضن للكثير من المخاطر الصحية لأنهن يتعرضن لعبء شاق في سن صغيرة مما يؤثر بشدة على حالتهن الصحية من توقف نمو الجسم وعدم القدرة على تحمل أعباء الحمل والولادة، فضلا عن زيادة معدلات وفيات الأمهات والأطفال خلال هذه الفترة، بل وعلى المستوى النفسى أيضا تتعرض كثير من القاصرات لاضطرابات نفسية تؤدى إلى أمراض في الكبر، كالفصام والاكتئاب.
إن زواج القاصرات يعد عنفا قائما على نوع الجنس ويجب الحد منه، ولا يجب الرضوخ لأى تيار يحاول تمرير مواد تبيح تكراره.. إن معظم الدول تلتزم بوضع حد أدنى لسن الزواج يتفق مع سن الطفولة، حتى إن السعودية نفسها أكدت على منع إبرام عقود زواج لمن تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما، ودعت وزارة العدل السعودية في تعميم لها جميع المحاكم ومأذونى عقود الزواج إلى عدم إجراء أي عقود لمن هم تحت هذه السن، محذرة من أنها ستحاسب المأذونين المخالفين.
وعلى العكس تماما مما يطالب به نواب حزب النور، يجب أن يُعامل الزواج تحت سن الثامنة عشرة كجريمة من جرائم العنف ضد النساء، بل الواقع أنها جريمة ضد المجتمع كله، وعلى الجميع التصدى لهذه الجريمة ومنعها بكل الطرق والسبل، وليس فقط أن هذا الانفلات الموجود حاليا في سن الزواج يجب أن يوضع له حد بالمزيد من الرقابة وتشديد العقوبة، بل إن إهدار فترة الطفولة واغتيالها يجب أن يتوقف بقانون حاسم وتطبيق لهذا القانون بشكل أكثر حسما.. إن موقف حزب النور يجب التصدى له بكل قوة، ويجب ألا يمر تحت أي غطاء دينى يحاول أن يبرره.