بقلم: كريمة كمال
كثر الحديث أخيرا عن عودة منصب وزير الإعلام.. لم يقل أحد لماذا هذه العودة ولأى أسباب، لكن كان هناك حديث عن احتياج لعودة المنصب مرة أخرى وبصرف النظر عما إذا كان هذا الاحتياج حقيقيا أم لا فإن التفكير في عودة المنصب الآن يثير الكثير من التساؤلات
هذا المنصب لم يكن موجودا قبل ثورة يوليو، لكنه وجد بعدها في كل المراحل وكانت له السيطرة على الإعلام والهيمنة عليه، فهل هذا ما نريده الآن؟ أعتقد أن الاعتياد على وجود المنصب هو الذي يفرض الاحتياج له الآن فعندما تم التفكير في التخلص من المنصب واستبداله بعدد من الهيئات في دستور 2014 كان الهدف هنا أن يصبح الإعلام مستقلا وبعيدا عن أي سيطرة أو هيمنة وتم استبدال المنصب بعدد من الهيئات هي المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة للإشراف على الصحف القومية بالأساس، والهيئة الوطنية للإعلام للإشراف على القنوات التليفزيونية، بحيث تصبح هذه الهيئات بديلا عن منصب وزير الإعلام، وتقوم بالدور الذي كان يقوم به.. كانت الفكرة هنا هي الاستقلالية التامة عن أي جهة عليا تفرض سيطرتها على وسائل الإعلام كافة، والتى هي بالأساس منصب وزير الإعلام، فلماذا العودة الآن للتفكير في استعادة هذا المنصب؟ وهل أثبتت التجربة في السنوات الأخيرة التي اختفى فيها هذا المنصب أن هناك حاجة ماسة إليه وأن عدم وجوده أحدث فراغا ما؟ هل عدم وجود وزير للإعلام أحدث خللا ما في العملية الإعلامية؟ وما هو هذا الخلل، وهل استعادة المنصب الآن سوف تقضى على هذا الخلل بحيث يكون الإعلام أفضل حالا، أم أن عدم وجود منصب وزير للإعلام قد أعطى شعورا بأن السيطرة على الإعلام مفتقدة وأن الإعلام ليس له صاحب كما يقولون وأنه بالضرورة يجب أن يكون له صاحب ولا يتأتى ذلك إلا بوجود وزير للإعلام؟.
ما الذي يمكن أن يحدث إذا ما تمت إعادة منصب وزير الإعلام، هل ستتم السيطرة على الإعلام، بحيث لن نجد أخطاء في الإعلام؟ هل ستختفى الأخطاء ويصبح الإعلام أكثر مهنية واحترافا.. هل سينضبط الإعلام ولا نجد أي خروقات أو تجاوزات، هل المشكلة في عودة المنصب أم أن المشكلة في السماح أصلا بكل هذه الخروقات والتجاوزات فهناك الآن من هو مسؤول عن ذلك، ومع ذلك يمر الكثير من الخروقات والتجاوزات دون أي محاسبة أو مساءلة، فهل هو المنصب في حد ذاته أم الرغبة في المحاسبة والمساءلة أم عدم الرغبة في ذلك.. والتوقف أمام هذه الخروقات والتجاوزات أم الرغبة في تجاوزها وتغاضى النظر عنها؟.
هناك مشكلة أخرى تفرض نفسها إذا ما تمت استعادة منصب وزير الإعلام، ألا وهى اختصاصات وزير الإعلام واختصاصات المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، هل سيكون هناك ازدواج في هذه الاختصاصات أم أنه سيكون هناك صراع على الاختصاصات، فكما هو واضح فإن اختصاصات وزير الإعلام قد تم توزيعها على هذه الهيئات لتقوم بالعمل بدلا منه، فما الذي سيحدث الآن إذا ما عاد؟ هل تلغى هذه الهيئات أم تبقى بلا أي اختصاصات؟ هذا سؤال لابد من الإجابة عنه قبل أن يعاد المنصب ونجد أنفسنا إما في حالة ازدواج أو في حالة تصارع.. إن غياب منصب وزير الإعلام قد رتب أوضاعا يجب النظر إليها قبل التفكير في إعادة المنصب أو على الأقل إعادة ترتيب هذه الأوضاع، فوزير الإعلام في النهاية ليس مجرد مكتب هو بالأساس صلاحيات واختصاصات.