بقلم: كريمة كمال
وجّه عضو بمجلس النواب بيانا عاجلا لوزير التنمية المحلية بشأن فساد المحليات وآثاره السلبية فى عرقلة عجلة التنمية والاستثمار، وقال النائب إن الفساد تغلغل فى كل أروقة الحكم المحلى منذ سنوات طويلة، وكافة محاولات المواجهة والسعى لتحقيق نهضة حقيقية لا تجد طريقها بسبب فساد المحليات، وأوضح أن الميول الإخوانية والخلايا النائمة تعمل على تعطيل عجلة الاستثمار والتنمية وتشويه ما تحقق من مكتسبات كثيرة على أرض الوطن، واستشهد النائب بتسهيل إجراءات استخراج بعض التراخيص من خلال الأبواب الخلفية لإقامة عقارات مخالفة، فضلا عن التعدى على حرم الشوارع والأكشاك والأسواق غير المرخصة، وهو ما يتسبب فى التأثير على البنية التحتية للدولة.
لا يمكن أن يمر هذا الكلام مرور الكرام، فهذا معناه ببساطة أن الإخوان هم السبب الرئيسى فى فساد المحليات، ولا أعتقد أن أحدا منا قد نسى مقولة زكريا عزمى الشهيرة عندما قال منذ سنوات طويلة إن الفساد قد وصل للركب، فهل كان الإخوان وقتها هم السبب فى فساد المحليات؟ هناك مشكلة حقيقية فى إرجاع كل شىء يحدث للإخوان، من المؤكد أن الإخوان يعملون ضد الدولة إذا ما أتيحت لهم الفرصة لذلك، ومن المؤكد أن نواياهم ليست طيبة، ولكن من المؤكد أن هناك فارقا كبيرا ما بين النوايا والقدرة على فعل الشىء، فالقدرة تعنى القوة التى تمكن من الفعل.
إن تصوير الأمر وكأن الإخوان قادرون على الفعل فى كل المجالات، وأنهم قادرون على اختراق كل مؤسسات الدولة، وأنهم قادرون، كما قال النائب، على إقامة العقارات المخالفة والتعدى على حرم الشوارع والأكشاك والأسواق غير المرخصة، هذا معناه ببساطة أنهم قادرون على اختراق الإدارات والمؤسسات وتحقيق ما يصبون إليه بكل بساطة دون أن يحول دونهم شىء أو أحد، أنهم ببساطة قادرون على فعل كل ما يريدون دون أدنى تصد أو مواجهة، وكأنما لا توجد هناك دولة ولا مؤسسات قادرة على إيقافهم أو ردعهم، وكأنما هم مطلقو اليد ليفعلوا كل ما يريدون من تخريب وتعطيل فى كل المجالات.
كل هذه المبالغة فى إرجاع كل ما يحدث إلى الإخوان لا يفعل شيئا سوى أنه يصور الإخوان وكأنهم القوة الضخمة القادرة على فعل أى شىء وكل شىء، وكأنهم الكيان القوى القادر على فعل أى شىء وكل شىء، وأنه لا شىء يوقفهم ولا يحول دونهم وما يريدون فعله.. هذا التصوير للإخوان ليس ضد الإخوان، بل للأسف مع الإخوان ويصب فى مصلحتهم وفى مصلحة صورتهم لدى الناس.. الإخوان تلقوا ضربة شديدة بعدما حكموا مصر لمدة عام، هذه الضربة كانت بالأساس فى قدراتهم وقوتهم وقابليتهم للحكم، مما رسخ إحساسا لدى الناس بأنهم ضعفاء، وبالتالى كانت الصورة عنهم صورة ضعيفة وليست قوية بأى حال من الأحوال، ثم كان ما كان بعد الإطاحة بهم ومحاكمتهم وسجنهم، مما حولهم إلى جماعة مطاردة لا تمتلك قوة الحركة والفعل إلا فى أضيق مساحة، من هنا بات الإخوان جماعة محكوما عليها بالضعف وليس بالقوة.. لكن رغم ذلك وجدنا كثيرا من المسؤولين يرجعون كل شىء يحدث إلى الإخوان، وكأنهم القوة الكبرى القادرة على فعل كل شىء وأى شىء.. هذه المبالغة فى إرجاع كل ما يحدث للإخوان هو شىء أشبه بالهستيريا التى تبالغ فى تصوير قوة الشىء، مما يصب فى النهاية فى مصلحته وليس ضده.. هذه الهستيريا يجب أن تتوقف، يجب أن نرى الصورة الحقيقية للإخوان الآن دون أن تشكلها هذه الهستيريا وتصنع منهم قوة قاهرة.