بقلم: كريمة كمال
فجأة قفزت قناة مسيحية تليفزيونية لصدارة الاهتمام على مواقع التواصل الاجتماعى بل بعض الصحف.. القناة هى قناة سى تى فى، والسبب فى هذا الاهتمام هو حالة من الغضب الشديد اجتاحت الفيسبوك بالذات نتيجة ما جرى من تطوير الصورة البصرية للقناة وما ترتب على ذلك من تغيير شكل بعض البرامج ومضمونها خاصة بعد الإعلان عن تقديم الصحفى أشرف عبد المنعم للبرنامج المسائى الرئيسى «فى النور» بل تواكب ذلك مع تغيير شكل اللوجو المميز للقناة بحيث تم استبعاد شكل الصليب الذى يتوسط اللوجو وتحويله إلى شكل حرف، وهنا كان الواضح أمام كل من يتابع سواء كان من مشاهدى القناة أو من غير مشاهديها أن هناك محاولة لتغيير هوية القناة من هوية مسيحية إلى هوية عامة.
وكان التساؤل المطروح من الذى يقف وراء هذا؟ لم يكن مقبولا ما أعلن أنه نوع من التطوير الداخلى للقناة وكان ما خلص إليه أغلب من تابعوا أن فى الأمر مؤامرة خارجية لاستهداف إحدى القنوات المسيحية فى محاولة لتغيير هويتها من قناة مسيحية الهوية لقناة عامة.. هل ما يستقر لدى المسيحيين من شعور بالاستهداف هو السبب وراء مثل هذا التصور؟ بالطبع نعم. وبصرف النظر عن قيام المذيع أشرف عبد المنعم بالانسحاب من البرنامج فإنه لا تتوافر أى معلومات حول ما جرى؛ فانسحاب المذيع كان نوعا من التراجع أمام حجم الغضب العارم على مواقع التواصل الاجتماعى مما يؤكد بشدة على أهمية الرأى العام وتأثيره على كل ما يجرى.
هل قناة سى تى فى قناة مسيحية الهوية أم أنها قناة دينية؟ هناك من يعتبر القناة قناة الكنيسة الأرثوذكسية المصرية الرسمية وهذا ليس صحيحا، فهى قناة خاصة أسست كهدية للكنيسة لنقل الصلوات والعظات الدينية من الكنائس ومتابعة أخبار الكنائس كما تتضمن برامج لشرح العقيدة المسيحية إلى جانب بعض البرامج الحوارية، وقد تحولت القناة منذ نشأتها إلى قناة الأسرة المسيحية سواء داخل البلاد أو خارجها. هناك من يرى فى وجود مثل هذه القناة نوعا من الطائفية بل ترسيخ الإحساس الطائفى لدى المسيحيين بل هناك من يرى أن وجود مثل هذه القنوات يرسخ أكثر وأكثر لعزلة المسيحيين بعيدا عن بقية المجتمع بل هناك من يحذر من مثل هذه القنوات الدينية بينما هناك من يرى أنك لا يمكن أن يكون لديك قنوات إسلامية دون أن يكون لديك قنوات مسيحية وأن فى هذا نوعا من التوازن المطلوب، فإذا كان من حق المسلمين أن تكون لهم قنوات دينية إسلامية فمن حق المسيحيين أن تكون لهم قنوات دينية مسيحية.. بينما هناك من يرى موقفا آخر تماما وهو أنه لا يقر بوجود قنوات دينية بشكل عام سواء كانت هذه القنوات إسلامية أو مسيحية من باب أن مثل هذه القنوات ترسِّخ بالفعل للطائفية لكنك لا تستطيع أن تطالب بتغيير هوية قناة مسيحية لتغدو قناة عامة فى الوقت الذى تترك فيه القنوات الإسلامية على حالها وإلا ووجهت بالغضب العارم كما جرى عند تغيير هوية السى تى فى.
كما سبق أن قلت ليس معروفًا لماذا جرت هذه المحاولة لتغيير الهوية، وإذا ما كانت داخلية أو خارجية لكن المهم هنا أن محاولة المساس قد تمت وأنها قد قوبلت بالشك الشديد والرفض الشديد أيضا، وهنا علينا أن ندرك أن إحساس الأقباط بالاستهداف موجود ويتحرك أمام أى محاولة للمساس بما يعبر عنهم؛ لذا فالأفضل أن يتم دراسة أى محاولة شبيهة قبل الإقدام عليها لأنها تثير أكثر كثيرا مما يمكن توقعه.