بقلم: كريمة كمال
من الذى يدفع الغرامة فى التصالح؟.. من اشترى بحسن نية أم من بنى وارتفع وخالف وهو يعرف أنه مخالف وجمع الأموال من البيع وهو يعى أنه يبيع وحدات مخالفة؟.. من المسؤول هنا؟.. من تورط واشترى أم من بنى وارتفع وهو يزيد الارتفاع ليخالف، ويخالف تحت سمع وبصر مسؤولى الأحياء ومهندسيها ورؤساء الأحياء؟.. هذه المبانى لم ترتفع فى لحظة واحدة، بل ارتفعت على مدى شهور طويلة، وقد يكون أعوامًا تحت سمع وبصر الدولة ولم يحدث شىء.. الآن، قررنا أن نطبق القانون، وهو ما يجب أن يحدث فعلا.. لكن على من نطبق القانون؟.. على من كان ضحية للمخالفة أم لمن خالف؟.. من كان ضحية هو ضحية لا نستطيع الآن أن نطبق القانون عليه لأنه ليس هو من خالف، أما من خالف فهو بهذه الطريقة قد أفلت من تطبيق القانون عليه، فقد بنى وباع وذهب إلى حال سبيله ولم تمتد له يد القانون، بينما من كان ضحية له هو المطالب بأن يدفع الأموال التى غالبا لا يملكها.. وهو هكذا ضحية مرتين.. مرة لمن خالف، ومرة على يد القانون.. فهل تستوى الأمور بهذا الشكل؟!.
انفجرت قضية فيرمونت وحصلت على الاهتمام الشديد، فقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعى بتفاصيل قضية فيرمونت، قصة الاغتصاب.. وتقدم المجلس القومى للمرأة ببلاغ للنائب العام، حيث تقدمت المجنى عليها بشهادتها، وشجع المجلس القومى للمرأة الشهود على التقدم بشهاداتهم، وقد كان، فقد تقدموا بالفعل بشهاداتهم لكن فجأة انقلب الشهود إلى متهمين، وهكذا وجد المصريون أنفسهم أمام قصة غير مفهومة ومعقدة ومثيرة للشبهات، وهو ما يعقد الموقف أكثر وأكثر، فلم تعد هناك قضية الفيرمونت فقط، بل أصبحت هناك قضية أخرى خاصة بجنس جماعى وشذوذ، وهو ما جعل الأمور تختلط على الناس.
فى نفس هذا الوقت نجد أسقف مغاغة يرفع دعوى على الصحفية سارة علام يتهمها بالإساءة للكنيسة بسبب كتابها «مقتل الأنبا إبيفانوس»، والسبب وراء هذه الدعوى أن سارة مسلمة ويجب ألا تتصدى لشأن يخص الكنيسة رغم أن الكتاب يتعرض لقضية هى جريمة قتل بالأساس، أى أنه لا يتعرض لمسألة دينية بل لجريمة قتل كان الضحية فيها هو الأنبا، بينما القتلة من الرهبان.. وهذا ليس معناه خوضًا فى الدين بقدر ما هو تعرض لتفاصيل الجريمة وكيف تمت وعلى يد من تمت.
امتلأت مواقع التواصل الاجتماعى بتفاصيل المشاجرة التى وقعت فى المحكمة ما بين الضابط ومستشارة بالنيابة الإدارية، وهى المشاجرة التى ساد فيها إحساس «إنت مش عارف إنت بتكلم مين» والتى وصلت إلى حد الاشتباك بالأيدى ما بين المستشارة والضابط، وتطور الأمر إلى حد تصعيد المسألة إلى القضاء ضد المستشارة، مما يعنى تطور الموقف.
كل هذا يجرى فى المجتمع المصرى.. كل هذا يشكل ملامح هذا المجتمع وتفاصيل ما يجرى فيه.. ما الذى يمكن أن يترسخ فى هذا المجتمع نتيجة لهذه الملامح؟.. هل يمكن أن يستقر القانون فى مجتمع تموج فيه مثل هذه الأحداث...هل يمكن أن يكون القانون هو الأساس فى مجتمع كهذا.. هل يمكن أن يتم احترام القانون فى مجتمع يترك الجانى ويحاسب المجنى عليه.. يشاهد المخالف سنوات دون أن تمتد له يد ثم يأتى ليحاسب من كان هو المجنى عليه لمن خالف؟.. مجتمع يسود فيه اختلاط الأمور وعدم تبينها.. مجتمع يحاسب المسلم الذى يتحدث عن المسيحيين.. مجتمع تسود فيه نغمة «إنت مش عارف إنت بتكلم مين».. هذه ملامح مجتمع غير صحى.. مجتمع يعانى من مشاكل كثيرة.. مجتمع يحتاج إلى الإصلاح.