بقلم: كريمة كمال
لم يشفع لمنى الباز 32 عاما وجود طفلتها ذات الثمانى سنوات معها عند محاولتها الحجز بعدة فنادق ثلاث نجوم بالإسكندرية مؤخرا.. أخبرتها عدة فنادق منها «كليوباترا» و«الحرم» أن القرارات من الشركة المالكة، وطلبوا منها الحصول على تصريح من شرطة الآداب. كان شرط الفنادق للتخلى عن طلب التصريح هو تواجد قريب من الدرجة الأولى وهو ما حاولت «منى» إقناعهم باستحالته نظرا لوفاة أبيها وعدم وجود إخوة لها ولكونها مطلقة.. انتهى الأمر بـ«منى» على كورنيش الإسكندرية مع ابنتها التى ترغب فى النوم بعد العاشرة مساء وتدخل كل فندق تقابله حتى وافق أحدها أخيرا على استقبالها.
كان هذا جزءاً من التحقيق الذى نشرته «مدى مصر» عن الفتيات اللاتى رفضت الفنادق استقبالهن وهى الفنادق التى اشترطت شرطا واحدا على الفتيات وهو وجود قريب ذكر من الدرجة الأولى ورغم تنوع الحالات ما بين فتاة بمفردها أو مجموعة فتيات معا أو مجموعة من القريبات أو حتى فتاة بصحبة قريب ذكر من الدرجة الثانية والتحقيق يتناول قصص الفتيات اللاتى رفضت الفنادق استقبالهن ليس فى الإسكندرية وحدها بل فى مختلف محافظات مصر، بل أيضا فى العاصمة القاهرة، وهكذا تجد كل هذه الفنادق أنه لا يجوز أن تقيم الفتاة فى الفندق بدون محرم... فتاة حاولت حجز غرفة فى مدينة المنيا وكان الرد هو «كومبليه» يا فندم وهى الجملة التى تقدم كاعتذار عن الاستقبال.. نفس الفتاة تحكى كيف حاولت قبل ذلك حجز غرفة فى المنصورة ولم تجد غرفة سوى بصعوبة شديدة ثم علمت من صديق لها أن هذا الفندق تحديدا سبق أن اشترط على صديقة له أن يغلق المدير باب غرفتها من الخارج بدءا من التاسعة مساء حتى الصباح التالى.
المشكلة هنا أن الفتيات كثيرا ما يجدن معارضة من الأهل للسفر بمفردهن خوفا من نظرة المجتمع لكن المشكلة هنا أنه ليس الأهل فقط الذى على الفتيات إقناعهن بالسفر بمفردهن، لكن القائمين على الفنادق أيضا، ففى نظر هؤلاء القائمين على الفنادق أن الفتاة بمفردها قنبلة موقوتة.. اللافت فى التحقيق الذى نشرته مدى مصر أن الفنادق التى مارست هذا التعنت هى الفنادق المتوسطة الثلاث نجوم بالذات، وأن الفنادق الكبرى شهدت حالات أقل.. المشكلة هنا هو الخلط ما بين المشاعر والأفكار الشخصية وبين أداء الخدمة الذى من المفترض أن يتم بشكل حيادى، فأحد القائمين على الفنادق قال لفتاة «أصل أنا راجل محترم وليا سمعتى»، مما يكشف كيف يفكر هذا الرجل وكيف يدير فندقه وآخر قال لإحدى الفتيات إنه لا يستطيع أن يتحمل مسؤوليتها مما دفع الفتاة بعد أن فشلت فى الإقامة بعدة فنادق درجة ثالثة أن تذهب لفندق درجة أولى..اللافت أن هذه الفنادق تحدد سنا للرشد، فأحد الفنادق اشترط أن يكون سن الفتاة أكبر من خمسة وأربعين عاما، بل إن أحد الفنادق فى المنيا اشترط أن تحمل الفتاة خطابا من أحد أفراد العائلة أو جهة عملها أو دراستها ليكون ضمانا لها.
هل هناك تعليمات رسمية بذلك؟ هناك تأكيد من المسؤولين عن السياحة بعدم وجود أى سند قانونى لهذه السياسة، بل هناك من يؤكد أن من تتعرض لهذه السياسة من حقها أن تتقدم بشكوى بقسم الشرطة، لكن المشكلة هنا أن أى فتاة تحاول الإقامة بالفنادق وتصطدم بمثل هذه السياسة لن تحول الأمر لمشكلة أكبر بالذهاب للشرطة هى فقط تبحث عن مكان للإقامة لا يميز ضدها لأنها أنثى، بينما يستقبل الذكر بكل ترحاب. الفتاة ببساطة تجد نفسها فى مواجهة نظرة المجتمع للفتاة بمفردها.