بقلم: كريمة كمال
بيان من نقابة أطباء القاهرة إلى السيد رئيس وزراء مصر: «لقد صُدمنا من تصريحكم الأخير بأن سبب زيادة الوفيات لجائحة كورونا هو تقاعس بعض أفراد الأطقم الطبية، وهنا نحيطكم علما بالحقائق التى ربما لم تتضمنها التقارير المقدمة إليكم من وزارة الصحة والتى يبنى عليها رأيكم.. منذ بداية الجائحة والأطقم الطبية، وعلى رأسها أطباء وتمريض مصر، فى مواجهة الجائحة فى ظروف شديدة السوء من حيث عدم توفير الواقيات الشخصية والتدريب الكافى، وكذلك الإمكانيات، ورغم ذلك لم يتأخر أى من أعضاء الفريق الطبى فى التواجد فى الصفوف الأولى لمواجهة الجائحة.
كان هناك تأخر وسوء إدارة من وزارة الصحة فى تنظيم الأوضاع بالمستشفيات التى صدر قرار بتحويلها إلى مستشفيات فرز وعزل لحالات كورونا بشكل مفاجئ فى اليوم السابق لإجازة عيد الفطر مباشرة دون الترتيبات الملائمة وبغير التدريب الكافى لغير المتخصصين من الفريق الطبى على التعامل مع حالات كورونا ودون توفير الواقيات الشخصية وكذلك دون التدريب الكافى على أساليب مكافحة العدوى وعدم تصميم مسارات آمنة وفق ضوابط مكافحة العدوى، مما نتج عنه زيادة متسارعة فى أعداد الشهداء من الأطباء والفريق الطبى والمصابين وأيضا أهاليهم، ورغم ذلك لم يغلق مستشفى واحد بسبب التقاعس المدعى عن أفراد الفريق الطبى وكان المواطنون يتوافدون على المستشفيات فيجدون الأطباء ولكن كان النقص الحقيقى فى توافر عدد الأسرة خصوصا أسرة الرعاية المركزة».
يتحدث البيان أيضا عن: «نخشى أن تكون تلك التصريحات الأخيرة تمهيدا لتحميل الأطباء مسؤولية التفاقم المتوقع للإصابات والوفيات فى ظل القرارات الأخيرة لتخفيف القيود فى ظل ذروة الجائحة وغياب أى مؤشر موضوعى عن بدء انحسارها، الأمر الذى نراه شديد الخطورة»، كما يطالب البيان بالاعتذار عن التصريحات.
هذا بيان قوى ويعبر عن غضب شديد لكنه فى نفس الوقت يكشف عن حقيقة المشاكل التى يواجهها الأطباء والأطقم الطبية منذ انطلقت هذه الجائحة، فهل كانت تصريحات السيد رئيس الوزراء موفقة أو مطلوبة؟ الواقع أن هذه التصريحات فى هذا التوقيت بالذات لم تكن موفقة أو مطلوبة بل إنه يخاصمها بشكل أساسى النظرة السياسية للأمور، ولقد خرج علينا فى اليوم التالى لهذه التصريحات المتحدث الرسمى لرئاسة الوزراء ليقول إن السيد رئيس الوزراء لم يكن يتحدث عن كل الاطباء بل عن بعضهم فقط، والواقع أن هذا التصريح يأتى متأخرا ولا يعالج ما قاله السيد رئيس الوزراء لأنه عندما تكلم تكلم عن الأطباء واتهمهم بالتقصير ولا يصح أن يصرح بذلك لو كانت هناك عدة حالات فردية لا يمكن القياس عليها.
هل يمكن تصور تأثير مثل هذه الاتهامات على الأطباء وهم لا يواجهون الجائحة وحدها بل ويواجهون أساسا أوضاعا غاية فى السوء، سواء من حالة المستشفيات أو نقص الإمكانيات أو عدم توفر الواقيات الشخصية كما قال بيان نقابة الأطباء.. إن التأثير مدمر بالضرورة وهو يدفع الأطباء للشعور بالغضب والإحباط أيضا، وقد أدرك المصريون رد الفعل هذا من جانب الأطباء فقاموا بعمل هاشتاج على الفيس بوك بالشكر للأطباء والقول «أنتم فى القلب منا».. لا أتوقع اعتذارا عما بدر من السيد رئيس الوزراء فى حق الأطباء، لكننى أقول إن ما حدث هو خلق أزمة بدون داع وفى وقت شديد الصعوبة والحساسية، لذا فلا أعتقد أن الاعتذار يمكن أن يفعل شيئا فقد انطلقت الرصاصة وأصابت فى مقتل من يجب أن يتم تقديره واحترامه وشكره.