بقلم: كريمة كمال
«الأعلى للإعلام» يتقدم بمذكرة لمجلس الوزراء ضد «اعتداءات موظفى وزارة الدولة للإعلام»، حيث قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إعداد مذكرة للدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بشأن ما سماه بـ«الاعتداء الذي قام به موظفو وزارة الدولة للإعلام على مكاتب وقاعات المجلس بالاستعانة بثمانية عشر موظفًا من موظفى الأمن بالوزارة، يتقدمهم مدير أمن الوزارة ووكيل أول الوزارة ومدير مكتب وزير الإعلام»، مؤكدًا في مذكرته أن العمل توقف تمامًا بسبب هذه الاعتداءات واقتحام الغرف والقاعات وتغيير مفاتيحها والاستيلاء على مكاتبها وما بداخلها. وأكد المجلس، في مذكرته، بحسب بيان له، أن الوزارة رفضت تنفيذ قرار رئيس الوزراء الذي يقضى بنقل واحد وستين من العاملين بالمجلس إلى ديوان عام الوزارة، موضحًا أنه ملتزم تمامًا بتنفيذ القرار وأنه تم إخلاء طرف الموظفين جميعًا من المجلس إلا أن الوزارة قامت بتشغيل أربعين فقط منهم وطردت الباقين دون أسباب، وأن المجلس فوجئ بإيفاد الوزارة لثمانية عشر من الموظفين ضمن الذين تم تعيينهم بالوزارة ليعملوا من مكاتب المجلس لصالح الوزارة. وأشار المجلس إلى أن الاعتداءات من جانب موظفى الدولة للإعلام تسىء للدولة المصرية وتهدد استقلالية المجلس، مطالبًا في مذكرته رئيس الوزراء بالتدخل الفورى في هذه الواقعة المشينة، حفاظًا على هيبة الدولة واستمرارًا لعمل المجلس، لافتًا إلى أن سلوك الوزير واستخدامه لموظفى الأمن يعد تدخلًا، تسبب في إيقاف عمل المجلس، وتصرفًا مشينًا يسىء للحكومة.
الواقع أن المشكلة ما بين المجلس الأعلى للإعلام ووزارة الدولة للإعلام مشكلة نشأت منذ تم استحداث وزارة الدولة للإعلام، وهى بالأساس مشكلة تنازع اختصاصات، فقد كانت هناك اختصاصات وضعت للمجلس الأعلى للإعلام أو وضعها المجلس لنفسه، بما منحه العديد من الاختصاصات في المجال الإعلامى، وقد شاء للمجلس أن يزيد من هذه الاختصاصات كما يريد، لأنه لم يكن هناك غيره مهيمنًا على مجال الإعلام، ومن هنا توسع المجلس في هذه الاختصاصات حتى شملت العديد والعديد من الاختصاصات، فقد ارتأى المجلس أنه هو المهيمن على كل ما يدور في المجال الإعلامى، ومن هنا فقد مارس كل ما عنّ له من اختصاصات إلى أن تم استحداث وزارة الدولة للإعلام.. هنا بات هناك صراع ما بين الجهتين حول هذه الاختصاصات، وحول من له الحق فيها.. المجلس الأعلى للإعلام، أم وزارة الدولة للإعلام، فكل منهما رأى أن الاختصاصات كلها من حقه وحده دون الآخر، ولم يكن هناك ما يمكن أن يفصل فيما بينهما، فلا الدستور ولا القوانين المكملة للدستور، أمكنها أن تحدد ما هي اختصاصات كل منهما دون أن يجور على اختصاصات الآخر.
لكن للأسف، لم يكن الصراع صراع اختصاصات فقط، بل كان بالأساس صراعًا على المكاتب والمقار أيضًا... من له الحق في مكتب وزير الإعلام؟ هل هو رئيس المجلس الأعلى للإعلام، أم وزير الدولة للإعلام؟ وهنا هبط الصراع من صراع الاختصاصات إلى صراع المكاتب والمقار، ومن له الحق في شغل هذه المكاتب والمقار، وتم تصعيد هذا الخلاف إلى مستوى رئيس الوزراء وقرارات رئيس الوزراء، ومن يخضع لهذه القرارات ومن لا يخضع لها، وتصاعد هذا الخلاف إلى حد الشكاوى لرئيس الوزراء من مخالفة هذه القرارات والاستيلاء على المكاتب والمقار، ثم يأتى الحديث بعد ذلك عن الإساءة للدولة.. أي دول تلك التي تصل فيها الجهات والمجالس والوزارات فيها إلى هذا الحد من الصراعات؟! هذه بيروقراطية متردية في صراع أكثر ترديًا.