بقلم: كريمة كمال
عدد من النساء تم القبض عليهن وسجنهن. أما لماذا؟ فلأن هناك مجموعة من الشباب بيسموا نفسهم صناع محتوى، ونصّبوا من أنفسهم رقباء على الإنترنت، وأى ست بتقدم محتوى هما غير راضيين عنه يقدموا ضدها بلاغ ويقولوا للمتابعين لهم إننا قدمنا ضدها بلاغ لأنها بتنافى قيم المجتمع المصرى وإنها بتفسد أخلاقنا الحميدة، وهى خطر على مجتمعنا، وينشرون مقتطفات مما تشيره هؤلاء النساء، وبالطبع يحصلون على مشاهدة أكثر.. لكن المهم هنا أنهم يهددون بأنهم سوف يقومون بتوقيف هذه التصرفات البذيئة عند حدّها، وأنهم سيسجنون هؤلاء الستات ويقومون بشن حملة على هؤلاء النساء، ويقومون بسبّهم، وتنتهى هذه الحملة بسجن صانعة المحتوى فى النهاية الست.. وتجد فيديوهات لشباب يحتفل وفرحان بشدة ويقول «زى ما وعدتكم إن إحنا حنسجنها.. وزى ما وعدتكم إن إحنا حنوقف الغلط ده عند حدّه.. وشاب منهم يقول أنا اللى مقدم البلاغ، وهى حتتسجن وأنا لا أشمت فيها، بس خلى بالكم القوس مفتوح وأى حد حيعمل حاجة غلط حيدخل ويتسجن وراها.
المشكلة هنا أن أى شاب لا يرضيه ما تضعه إحدى صانعات المحتوى على التيك توك من محتوى يلجأ لشن حملة عليها، ثم يقوم بالإبلاغ عنها، فيتم بالفعل القبض عليها وسجنها حتى لو كانت مجرد طفلة مراهقة، مثل حنين حسام يشن هجوما عليها لأنه غير راضٍ عما تقدمه، ثم يقدم بلاغا ضدها.. والأغرب حقا أنه تتم الاستجابة لهذا البلاغ، ويتم القبض عليها.. فهل نلوم هنا مَن شن الحملة وقدم البلاغ أم نلوم من استجاب وألقى القبض عليها بناء على هذا البلاغ؟!.
هؤلاء الشباب نصّبوا من أنفسهم هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على النت، وقرروا أنهم سيطاردون كل من تخول لها نفسها بدأن تضع محتوى لا يرضون عنه، ويجب أن ندرك هنا أن هؤلاء الشباب لا يترصدون أحدا سوى النساء فقط، ولا يطاردون أحدا سوى البنات والستات فقط، وقد أقاموا من أنفسهم قيما على الأخلاق ومطاردا لمن تسول لها نفسها أن تضع محتوى يرون فيه تجاوزا ما، بصرف النظر عن أن هذا يخضع للتقدير، فما يراه أحدهم تجاوزا قد لا يراه آخر كذلك، لكنهم نصبوا من أنفسهم حكما وقاضيا، بل منفذ للعقوبة.. والعقوبة هنا هى تقديم البلاغ ضد الأنثى بأنها تتجاوز، ويتم تفعيل البلاغ والقبض على الأنثى، لذلك فقد فوجئنا جميعا بسلسلة من القبض على النساء تتوالى بسرعة شديدة، ولم يكن مفهوما لنا فى البداية لماذا استهداف هؤلاء النساء بالقبض عليهن وتوجيه اتهامات فضفاضة لهن مثل المساس بأخلاق الأسرة المصرية أو المساس بأخلاق المجتمع المصرى، ولماذا الستات فقط اللاتى يتم القبض عليهن للمساس بأخلاق المجتمع المصرى، فهل الرجال لا يتجاوزون أو لا يمسون أخلاق المجتمع المصرى؟. هل نلوم هؤلاء الشباب الذين يقومون بهذه الحملات ضد هؤلاء النساء على اليوتيوب والذين يصل الأمر بهم إلى حد الإبلاغ ضدهن ببلاغات رسمية للنائب العام؟!.
والأخطر حقا أن تتم الاستجابة لهذه البلاغات ويتم القبض عليهن وكأنهم سلطة، بحيث إن هؤلاء الشباب يستقر لديهم أنهم يملكون القدرة على أن يسجنوا من لا يرضون عنها، بل يهللون فرحا لسجن إحداهن، حتى إنهم يحتفلون بهذا، بل يهددون بأنهم قادرون على أن يسجنوا أى ست سوف تتجاوز من وجهة نظرهم طبعا.. من أعطاهم هذه السلطة؟