انتحار جماعي

انتحار جماعي

انتحار جماعي

 صوت الإمارات -

انتحار جماعي

كريمة كمال
بقلم: كريمة كمال

«خليك في البيت»، هذا هو الشعار المرفوع الآن، ليس في مصر وحدها ولكن في العالم كله، فهل المصريون في البيت فعلا؟ وانت داخل بيتك لا تبارحه تتخيل أن كل المصريين مثلك، لكنك ما إن تخطو خارج البيت حتى تصيبك الصدمة تماما، فالمصريون كلهم في الشارع، لدرجة أنك تشعر أنه لا يوجد «كورونا»، ولا نعانى وباء خطيرا.. منذ بضعة أيام، فوجئت بأحد البرامج التليفزيونية يعرض مشاهد مصورة لسوق مزدحمة بالإسكندرية، والناس تروح وتجىء في السوق بصورة طبيعية تماما، وقبل أن أفيق من دهشتى، وبعد بضعة أيام قليلة، كنت أشاهد في التليفزيون مشاهد مصورة للموسكى والأزهر والعتبة، ليس في حالة ازدحام، بل في حالة من التكدس الفظيع، لدرجة أن الناس يعجزون عن الحركة من شدة الزحام، ويتلاحمون ويصطدمون ببعضهم، لدرجة أنهم أصبحوا يشبهون الكتلة الواحدة.. زحام غير مسبوق، حتى في الأيام العادية. من المعروف ان سوق العتبة والموسكى كان قد جرى إخلاؤها تماما، منذ بضعة أسابيع قليلة، لكنها الآن عادت إلى ما كانت عليه، فكيف سمح للباعة الجائلين بفرش بضاعتهم مرة أخرى، وهل كان هذا بسماح من السلطات المسؤولة؟

ماذا لو كان هناك واحد فقط يحمل العدوى في كل هذه الكتلة المتلاحمة من البشر، ألا يعنى ذلك كارثة محققة؟.. الغريب حقا أنك تكون داخل بيتك محميا داخل جدرانه، ومع ذلك تشعر بتهديد الفيروس، فكيف لهؤلاء ألا يشعروا بالخوف من العدوى؟! من المؤكد أن كل هؤلاء لا يشعرون بأى خوف، وإلا لما تصرفوا بكل هذه اللامبالاة.. هل هذا معناه أن هؤلاء لا يخافون أم أنهم لا يصدقون أن هناك خطرا يتمثل في الفيروس.. ما معنى أن يخرج كل هؤلاء إلى الشارع في مثل هذا الازدحام الشديد دون أن يطرأ على ذهنهم أنهم يخاطرون بحياتهم نفسها وحياة أسرهم أيضا، بل حياة الوطن كله.. هل هذه لامبالاة أم استهانة أم جهل يصل إلى حد التجاهل؟.

الدولة قامت ببعض الإجراءات الاحترازية، وطالبت الناس بالبقاء في البيوت وأخذ الحذر الشديد حتى داخل البيوت، فكيف بالناس يتصرفون بمثل هذا النحو وكأنما ليس هناك أي خطر أو خطورة، ويتحركون كأن الوضع عادى تماما.. هذا يعنى أن هناك فجوة عميقة جدا ما بين الحكومة والناس، والحكومة تسير في طريق، بينما الناس تسير في طريق آخر تماما، وهذا معناه أن الناس لا تثق في الحكومة ولا في كلام الحكومة، وتتصرف كما يحلو لها وكما تصور لها مصالحها الضيقة بعيدا عن كلام الحكومة وإجراءاتها.. الأسواق مزدحمة بشدة، بل إن المولات قررت أن تفتح أبوابها مرة أخرى، وكأن الأمور قد عادت طبيعية تماما.. الحكومة تفكر في عمل حظر تجوال شامل يوم شم النسيم، ولو حدث ذلك فهذا يعنى منع الخروج إلى المتنزهات والحدائق والشواطئ يوم شم النسيم، لكنه في النهاية يوم واحد، فماذا عن باقى كل الأيام المزدحمة في الشوارع والأسواق، التي ستبقى على حالها مرتعا للخطورة وموقعا للكارثة، فماذا نحن فاعلون، هل تغسل الحكومة يديها وتلقى بالتبعة على الناس الذين لا يلتزمون أم تجبرهم هي على الالتزام بقوة القانون كما يجرى في باقى دول العالم، التي لا يتصرف فيها الناس بكل هذه الاستهانة.. إذا تصرف الناس بهذه اللامبالاة فلا يمكن أن تتوقف الحكومة عند الشكوى من تصرفهم، بل يجب أن تكون أشد حزما في مواجهة هذا التصرف الانتحارى ببساطة لأنه يعنى حياة الناس جميعا، ومنهم من التزم بشعار «خليك في البيت» وبقى في بيته، فهل نحن أمام انتحار جماعى؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتحار جماعي انتحار جماعي



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates