بقلم: كريمة كمال
صرح وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل بأن قرار حظر التجول قد تم اتخاذه لكن لم يحدد الموعد بعد، ثم فى اليوم التالى أعلن عن اتخاذ قرار حظر التجول، والسؤال هو: هل تأخر هذا القرار الذى كان العديدون يطالبون به منذ أكثر من أسبوع بعد أن رأينا كيف يستهين الكثير من الناس بالوضع الحالى ولا يدركون خطورته؟.. إن نظرة واحدة للشوارع سنجد أن التجمعات مازالت موجودة وبكثرة مما يهدد بانتشار الفيروس أكثر وأكثر، ومما يعنى أن كثيرا من الناس لن يلتزموا إلا بقرارات ملزمة وقهرية مثل حظر التجول.. أنا أدرك أن هناك من يضطر للنزول بسبب لقمة العيش وأنه لا يملك رفاهية البقاء فى البيت، لكن الأمر من الخطورة بمكان بحيث إنك قد تضطر لفعل ما لا تريد فعله.. نعم قسم كبير من المصريين يكسبون لقمة العيش «يوم بيوم»، لكننا أمام خطر لا يستهان به ويهدد بوضع كارثى إذا ما انتشر.
أخشى ما أخشاه أن نكون فى موضع اتخاذ القرارات الصحيحة ولكن متأخرة؛ فقد جادل وزير التربية والتعليم طويلا فى مسألة إغلاق المدارس وظل مصممًا على رأيه بأن يتركها مفتوحة إلى أن جاء القرار من الرئيس بإغلاقها.. أيضا رغم إطلاق إجازات فقهية معتبرة بدءا من دار الإفتاء المصرية مرورا بالمنظمات والهيئات الدينية فى الكثير من دول المنطقة ومنها المملكة العربية السعودية ثم من الأزهر نفسه بجواز تعليق إقامة الشعائر الدينية الجماعية فى مواجهة خطر كورونا إلا أن وزارة الأوقاف المصرية أصرت على إقامة الشعائر الخاصة بصلاة الجمعة فى المساجد، وأقام وزير الأوقاف صلاة الجمعة وأذيعت على التليفزيون المصرى قبل يوم من صدور القرار من الوزارة بوقف صلاة الجماعة فى المساجد.. أيضا على نفس المنوال كانت الكنائس تقيم القداسات والناس يتوافدون على الكنائس بل يمارسون طقس التناول حتى إن أحد الأساقفة طالب بزيادة القداسات الجماعية هذه الأيام إلى أن صدر قرار الكنيسة الكاثوليكية ثم الكنيسة الإنجيلية ثم الكنيسة الأرثوذكسية بتوقف الاجتماعات والقداسات فى الكنائس والصلاة فى البيوت.. من الممكن طبعًا أن يكون كل هذه القرارات فوقية أى صادرة من الدولة وملزمة للهيئات الدينية لكننا استهلكنا وقتا ثمينا فى المماطلة والرفض حتى اتخذ القرار.. بل إنه كما أن قرار إغلاق المقاهى يجد من يخالفه كما رأينا حيث تعمل المقاهى وتغلق أبوابها على مرتاديها مما يزيد شدة احتمالات الإصابة فإننا أيضا نجد من يصر على الصلاة داخل المساجد رغم قرار تعليق العمل بها أو يصلون أمام المساجد جماعة مما يعنى التجمع والتجمهر وانتشار العدوى.
كل هذا التأخير يعنى مزيدا من انتشار العدوى.. نعم القرار الصحيح يتخذ ولكن متأخرا، فقرار إخلاء سوق العتبة من الباعة الجائلين الذين يقدرون بالآلاف قرار صحيح، فقد كانت المنطقة مزدحمة بشكل لا يمكن تصوره لكن تم اتخاذ القرار وتنفيذه ما حجم انتشار العدوى الذى يمكن أن فى منطقة كهذه بكل هذا الزحام.. نعم كثير من الناس لا يقدرون حجم خطورة الموقف لكن الدولة لا يمكن أن تنتظر حتى يدرك هؤلاء حجم الخطورة ويتجاوبوا بل يجب أن تكون قراراتها حاسمة وسريعة وملزمة اتقاء لمزيد من الانتشار.. الناس لا تملك الوعى الكافى نعم، لكن الدولة عليها أن تتحرك بناء على ذلك، وهو ما حدث فى كثير من دول العالم التى اتخذت قرارات بحظر التجول ليس لفترة معينة ولكن بشكل دائم ومستمر لتلافى مزيد من الانتشار وسعيًا للتحكم فى الموقف بدلًا من انفجاره.. الدولة تتخذ القرارات الصحيحة نعم لكنها تحتاج إلى أن تأتى هذه القرارات فى موعدها وليس متأخرا.