بقلم: كريمة كمال
قال النائب محمد فرج عامر، رئيس لجنة الصناعة بالبرلمان، إنه تقدم بقانون لتعديل قانون العقوبات يكون فيه عقوبة اللفظ الخادش السجن من سنة إلى ثلاث سنوات وجوبيًّا بدلًا من غرامة مالية قدرها خمسمائة جنيه وهى العقوبة الحالية. وطالب المهندس فرج عامر بسرعة التدخل للوقف الفورى لجميع من يسيئون للفن المصرى بأغانٍ وأفلام ومسلسلات هابطة بها كلمات ومشاهد فيها خروج سافر وصارخ عن القيم والأخلاق والتقاليد المصرية العريقة، مؤكدا أنه يعكف على إعداد مشروع قانون لتغليظ عقوبة من يرتكب هذه الجرائم.
وأعرب المهندس «عامر» عن ثقته الكاملة بأن جميع أعضاء وقيادات مجلس النواب سوف يؤيدونه في هذا الاتجاه للقضاء على ما يحدث داخل الساحة الفنية المصرية من حالات إسفاف وتردٍّ في أغانى المهرجانات والأفلام والمسلسلات الهابطة، والتى تسىء إساءة بالغة للمجتمع المصرى، مطالبًا النقابات الفنية باتخاذ مواقف حاسمة ضد كل من يسىء للفن المصرى.
وهكذا بدأ الأمر بمنع هانى شاكر مطربى المهرجانات من الغناء، وتصاعد إلى أن يتقدم عضو مجلس النواب بقانون يغلظ عقوبة اللفظ الخادش إلى الحبس ثلاث سنوات. والسؤال: من الذي سيضبط من يرتكب هذه الجريمة إذا ما كان المغنون ممنوعين من الغناء أصلا في الحفلات؟ فهل سيتم مطاردتهم على اليوتيوب والساوند كلود؟ وهل يملك أحد مثل هذه السلطة على هذه المواقع العالمية التي لا تخضع للسلطات المصرية والتى تمتلك الحرية الكاملة في البث والإذاعة؟!.. إن فكرة المطاردة بتغليظ العقوبة هي فكرة فاشلة أصلا لأن الأساس إما أن يقبل المجتمع ما يبث له أو يرفضه بدافع من المجتمع نفسه وتقبله أو عدم تقبله لما يوجه له من فنون. المسألة في النهاية هي حالة تفاعل ما بين المجتمع وما يقدم له من فن فيقبله أو يرفضه لا أن نُسخِّر «رقيب» لكل مطرب أو فنان يطارده ليوقع عليه العقوبة، خاصة أن تحديد ما هو مسف مما هو غير مسف ليس هينًا، فالمسألة تخضع لوجهات نظر وللذوق الخاص بكل فئة. ومن هنا يصعب تحديد ما هو خارج وما هو غير خارج، والقول بتحكيم الذوق العام هو قول غير منضبط، لأنه لا يوجد ما يمكن أن يسمى الذوق العام فالذوق يختلف باختلاف الطبقات والفئات بدليل أن أغنية المهرجانات التي أثارت كل هذه الضجة وهى أغنية بنت الجيران تلقى إعجاب العديد من الأفراد؛ بدليل حجم ومدى التردد عليها على مواقع التواصل. إذن فكرة المطاردة العقابية هي فكرة مرفوضة أصلا بل غير فعالة ولن أتحدث هنا عن أن الفنان هانى شاكر قد تحدث عن التواصل مع المواقع العالمية التي تبث الأغانى لتتوقف عن بث أغانى المهرجانات، فهو لم يفكر جيدا فيما يقول لأن هذه المواقع لن تخضع له ولن تجيب له طلبه.
المشكلة هنا أن الأمر لم يتوقف على قرارات هانى شاكر بل تم تصعيده إلى نواب البرلمان ليدخلوا المعركة بثقلهم. والحل بالنسبة لهم هو تغليظ العقوبات وتعديل قانون العقوبات، وهو أسلوب لن يجدى لأنك في هذه الحالة ستحتاج إلى شرطة فنية تطارد الفنانين وتضبط المخالف منهم لتحاكمه! فهل هذا يمكن أن يحدث أم أن الأمر منوط في النهاية بتقبل المجتمع أو رفضه وليس بتوقيع العقوبة وتغليظها؟!.. إن فكرة اللجوء إلى السلطة لضبط الفن هي فكرة غير مقبولة، وعلينا أن ندرك أن العديد من المفكرين يرفضون فكرة الرقابة أصلا، وهى سابقة على العرض، فما بالك بفكرة التجريم والمحاسبة والمحاكمة وتغليظ العقوبة ومطاردة الفنانين؟ فهل يمكن قبولها وإخضاعها للتنفيذ؟!.