بقلم: كريمة كمال
ما جرى قد جرى، وما تم قد تم، ولا يمكن تغييره الآن، فقد صار حقيقة واقعة لا يمكن تغييرها لكن يمكن على الأقل محاولة الحد من حوادث الموت التي باتت تتكرر في شوارع مصر الجديدة.«سيارة مسرعة قادمة من كوبرى سفير في شارع أبوبكر الصديق تدهس مواطنًا أمام مدخل متحف سوزان مبارك الساعة ستة إلا ربع مساء اليوم».
كان هذا هو البوست الذي كتبه «هليوبلساوى» أي أحد سكان مصر الجديدة.. وهذا البوست لن يكون الأول ولن يكون الأخير فحوادث الدهس في شوارع مصر الجديدة لم تعد تتوقف منذ أن تم التطوير فهل يتم السكوت عن هذا الوضع أم أنه من الهام جدا بل من الضرورى أن يتم حل المشكلة التي نتجت عن التطوير.. ونحن هنا لن نتكلم عن المشاكل التي سبَّبها التطوير مثل المشكلة البيئية التي نتجت عن نزع الأشجار والمساحات الخضراء من كل شوارع مصر الجديدة مما مس الحالة البيئية في الحى وقضى تمامًا ليس على شكل الحى بل إمكانية التنفس فيه.. لن نتكلم عن تغيير طبيعة وشكل الحى حتى إن سكانه أنفسهم باتوا يتوهون فيه لدرجة أن إحدى سكان الحى كتبت تقول إنها فشلت في أن تهتدى لمنزل والدتها ولم تعد تعرف أين هو؟!.. الكثير من سكان الحى يكتبون الآن ليقولوا إنهم يفشلون في العودة إلى منازلهم فلم يعد الحى هو الحى.. لقد تغير الحى الهادئ الملىء بالأشجار والمساحات الخضراء والمقسم والمنظم بشكل رائع إلى مجموعة من الكبارى والهاى ويز التي يستحيل معها السير فما بالك بالعبور؟!.. فالعبور يعنى الموت يعنى الدهس تحت السيارات المسرعة جدا التي تسابق الريح في هذه الشوارع الشديدة الاتساع.
مرة أخرى.. ما جرى قد جرى، وما تم قد تم، ولا يمكن تغييره الآن، فقد صار حقيقة واقعة لا يمكن تغييرها لكن يمكن على الأقل محاولة الحد من حوادث الموت التي باتت تتكرر في شوارع مصر الجديدة.. وفى لقاء في نادى هليوبولس مع المسؤول عن تخطيط الحى قال الرجل إن الحكومة ليست مسؤولة عن إقامة كبارى للمشاة وإن هذا من مسؤولية المجتمع المدنى الذي عليه أن يقدم الحلول وأن ينفذها.. أي أن عليهم هم أن يقوموا بوضع التخطيط وتنفيذه بما يتضمنه من مشاكل بل من مصائب وألا يقدموا الحلول بل إن الحلول من مسؤولية المجتمع المدنى، وبصرف النظر عن منطقية مثل هذا الطرح فإن كبارى المشاة نفسها ليست الحل الأمثل لأنها لا تتيح لكبار السن مثلًا الاستخدام؛ فهى غير صالحة لهم، ناهيك عن أن إقامتها تستلزم أموالًا لا يعرف أحد من أين يمكن أن يؤتى بها وكيف يتصور الدكتور المهندس المخطط إمكانية تدبيرها.. المشاكل التي نتجت عن التطوير كثيرة لكن أخطرها على الإطلاق حوادث الدهس التي تنتج عن عبور الطريق، وهنا لا يبقى من حل سوى إقامة إشارات للمرور في عدة مناطق حتى يتسنى لمن يريد أن يعبر الطريق استخدامها ولا أعتقد أن هذه مهمة المجتمع المدنى بل مهمة الحكومة ومن قاموا بتنفيذ التطوير، فهؤلاء لم يفكروا ولو ثانية في المشاة، لم يسألوا أنفسهم كيف سيعبر المشاة هذه الطرق المتسعة السريعة! لم يعنهم هذا الأمر ولم يأت على بالهم فلم يحسبوا حسابه ونسوه تماما وكانت النتيجة تكرار حوادث الدهس.. إن حياة الناس ليست رخيصة إلى هذا الحد، ولا بد من وضع حد لمثل هذه الحوادث؛ لذا المطلوب إقامة إشارات للمرور في أكثر من نقطة وميدان.. أنتم لم تفكروا سوى في السيارات التي يجب أن تكون مسرعة وأسقطتم البشر من حساباتكم تمامًا؛ فمات البشر لأنه لم يحسب حسابهم! الآن فقط عليكم أن تقوموا بتنفيذ الحل الوحيد المطروح وإن لم يكن أفضل الحلول، فأفضل الحلول قد مضى أوانها وانقضى.