البيت

البيت

البيت

 صوت الإمارات -

البيت

بقلم - كريمة كمال

لا أعرف ما إذا كان الجميع يدركون مدى معزة البيت على الإنسان.. الإنسان يكوّن بيته قطعة قطعة، يختار كل قطعة بتأنٍ ومحبة، ويفكر كثيرًا أين يضعها، يختار المكان بعناية ويفكر كثيرا فيه ثم يضعها، وهكذا تأتى القطعة التالية لها لتأخذ مكانها الذى يختاره بعناية.. وهكذا يتكون البيت قطعة قطعة، ويختار اللوحات والتماثيل التى ربما يكون قد أتى بها من بلاد بعيدة زارها يوما ما، والتى اشترى منها هذه القطعة أو تلك ليضيفها إلى هذا الركن أو يضعها على هذا الحائط.. وتكون تلك المكتبة كتابًا بعد آخر لتحتل مساحة ما من هذا الحائط أو تلك المساحة التى خصصتها للقراءة وربما للكتابة.. وهنا تصبح للبيت ملامحه الخاصة جدًا والتى تضيف لها الذكريات الكثيرة أعواما بعد أعوام نكهتها الخاصة جدا، وروحها التى تميزها والتى تجعل منه بيتك الخاص بك وحدك، الذى ترتبط به سنوات وسنوات ليصبح قطعة منك.

هل يمكن بعد كل هذا أن يأتى من يخرجك من بيتك هذا بقرار صادر من أعلى، رغم أن بيتك ملكك وتملك كل ما يثبت حقك فيه؟.. أتساءل هنا عما جرى من إخراج أصحاب العوامات من منازلهم التى أقاموا فيها سنين طويلة، وهى بيتهم المميز جدا، المرتبط بالنيل، والذى اختاروه وامتلكوه، وصار الجلوس على النيل جزءا من حياتهم سنوات طويلة.. أتذكر أننى دخلت مرتين هذه العوامات: مرة لمقابلة أحد السياسيين الشباب، ومرة تالية بعدها بسنوات طويلة لزيارة صديقة سويسرية كانت تقيم فى إحداها.. وكم شعرت بتميز المكان وحميميته الشديدة، مما جعلنى أدرك الآن فداحة ما يحدث من قرار هدم هذه العوامات!. هذا ناهيك عن الفيديو الذى وضعته الأديبة العزيزة أهداف سويف لعوامتها التى هى منزلها الذى عاشت فيه سنوات طويلة كما قالت، وشعرت بفداحة أن يخرجك أحدهم من منزلك هكذا بلا أى مسوغ قانونى ولا أى حق، فلو قيل إن الهدف هو تطوير المنطقة، فهذه العوامات جزء أصيل من جمال النهر وجمال المنطقة، ولقد وضع أحدهم صورا لعوامات على النهر فى أمستردام وهى عوامات قديمة لم تمتد لها أى يد بالهدم، لأنها ببساطة جزء من التراث.. فلماذا نفعل نحن ذلك؟!.

لا تقولوا إننا سنعوض من نخرجهم من بيوتهم، فهذه السيدة المسنة التى خرجت لتطلب شيئا واحدا فقط هو أن تموت فى عوامتها التى عاشت فيها عمرها لا تريد شيئا، ولا شىء يمكن أن يعوضها عن منزلها.

الحق فى السكن من حقوق الإنسان، ولا يصح أن نُخرج إنسانًا من منزله وندّعى تعويضه، فالتعويض أصلا أقل كثيرا من أن يوفر مسكنا آخر فى مكان مماثل.. فهل نخرج الناس من بيوتها لنلقى بهم فى أماكن أخرى ليست بنفس المنزلة التى اعتادوها بل والتى دفعوا ثمنها؟.. قد تكرر إخراج الناس من منازلهم فى مناطق كثيرة بدعوى الحاجة لإقامة كبارى، فما الداعى الآن فى هدم العوامات؟!.. للناس حقوق أصيلة لا يجب المساس بها، خاصة أن كلهم يملكون التراخيص اللازمة لهذه العوامات، وحتى لو كان هناك من لم يدفع التراخيص فى السنوات الأخيرة فقد سكتت الدولة عن ذلك، وسكوتها يعنى مسؤوليتها، فلا يجب أن تنسى الدولة مسؤولياتها لسنوات ثم تعود لتتذكرها على حساب الناس.

حق الناس فى البقاء فى بيوتهم حق أصيل، فارفعوا أيديكم عن بيوت الناس ولا تخرجوهم منها، فبيوت الناس هى حياتهم.. فقط تصوروا لو أخرجكم أحد من بيوتكم التى شيدتموها.. ماذا سيكون شعوركم؟.

ارتباط الإنسان ببيته ارتباط أصيل.. تذكروا هذا قبل أن تخرجوهم منها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البيت البيت



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates