الجنة المفقودة

الجنة المفقودة

الجنة المفقودة

 صوت الإمارات -

الجنة المفقودة

بقلم: كريمة كمال

«إمبارح أمن نادى الزمالك منعونى أدخل النادى علشان شكلى.. وده كان شكلى.. قالولى ممنوع اللبس القصير والكَت».. هكذا كتبت هذه السيدة ووضعت صورة لها باللبس الذى مُنعت بسببه، وهو فستان بدون أكمام وليس قصيرا، فهو يغطى الركبة.. لم يفعل الأمن هذا من تلقاء نفسه، ولكن من المؤكد أنه بناء على تعليمات عليا.. فهل صرنا تحت سيطرة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»؟ وهل من أعطى هذه التعليمات له الحق فى التدخل فى ملابس النساء وتحديد من يسمح له بالدخول ومن لا يسمح؟!.. السيدة كانت تبدو «محترمة وراقية وشيك» لكن هناك من يريد أن يفرض رأيه عليها فيما يمكن أن تلبسه أو ما لا يجب أن تلبسه.

هل يتم الاكتفاء بالدهشة والغضب من مثل هذا التصرف ومثل تلك التعليمات أم أنه يجب أن تكون هناك جهة ما عليها أن تتدخل فورا لتُحقق فى هذه الواقعة وتعلم من وراءها ويعاقب ويُمنع من تكرار ذلك سواء فى نادى الزمالك أو غيره من الأماكن؟.. وما تلك الجهة، هل هى المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى يجب أن يدافع عن حق الإنسان فى أن يرتدى ما يريد، أم أنها المجلس القومى للمرأة الذى يجب أن يدافع عن حق المرأة فى أن ترتدى ما تريد وأن تدخل به أى مكان تشاء؟.. المهم فى النهاية أننا يجب ألا نسكت على هذا ونعتبره واقعة ومرت، لأنها يمكن أن تتكرر، ليس فى نادى الزمالك وحده، بل فى كل مكان آخر إذا ما رأى أحدهم أن لديه سلطة فرض الأوامر التى تفرض وجهة نظره فيما يجب أن تلبسه النساء وما لا يجب أن تلبسه.

يجب أن نعى أن هناك اتجاهًا لفرض الاتجاه الوهابى على المرأة، وهناك من يسعى لإدانة غير المحجبة، وقد رأينا ذلك فيما جرى فى جريمة مقتل «نيرة أشرف»، حيث دار حديث الكثيرين عن حزنهم عليها، ليس لأنها ذُبحت علنًا بلا سبب، بل لأنها ستلاقى وجه ربها وهى ترتدى هذه الملابس كما عبروا، بل إن من تعاطفوا معها بادروا بوضع صورتها بعد عمل فوتوشوب لها لتبدو وهى ترتدى الحجاب والإسدال.. وطبعًا لا نغفل هنا نصيحة الشيخ فى أن تخرج المرأة «قُفة» إذا ما أرادت ألا تُقتل.

والأسوأ هنا ما تردد أخيرا عن أنه مأخوذ من تقرير الطب الشرعى والتأكيد على سلامة غشاء البكارة، وأن الرحم فارغة.. هل هناك عدم إنسانية أكثر من هذا؟ هل هناك هوس بأن المرأة ليست سوى جسد أكثر من هذا؟.. هل هناك شىء صادم أكثر من تعاطف البعض مع القاتل، ومنهم نساء، إلى حد جمع النقود من أجل توكيل محام كبير للدفاع عنه؟.. وكل ذلك يبدأ وينتهى بشكل المرأة وملبسها ولا شىء آخر.

هل يتصور أحد أننا فى هذا العصر نعود للحديث عن ملابس المرأة وكأننا فى الجاهلية؟.. بل، هل يتصور أحد أن أحدهم يخرج علينا فى فيديو على الفيس بوك ليندد بأن الحديث عن حقوق المرأة هو الذى هدم المجتمع والأسرة، وأنه يجب الاعتراف بقوامة الرجل، ويهاجم الخلع، ويتساءل كم أسرة هُدمت بسببه، ولا يتساءل كم امرأة استعادت حريتها بسببه، فهو يرى أن المجتمع دون حقوق للمرأة كان أفضل كثيرًا؟!.

نعم.. هناك اتجاه فى المجتمع يريد العودة للوراء، وتغذيه أصوات من فوق المنابر وعبر الشاشات الدينية، ويجب أن نعى أن هذا الاتجاه مدعم من الخارج، ولا أعرف من أين، إذا ما كانت السعودية نفسها تسعى لمنح المرأة حقوقا كل يوم، أم أن هذا الاتجاه ينتشر فى المنطقة العربية ويسعى لفرض رؤيته داخل مصر بالذات، أم أنه يتمركز فى مصر بالذات ويريد استعادة ما كان، بصفته الجنة المفقودة!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجنة المفقودة الجنة المفقودة



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 10:18 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كارينا كابور في إطلالة رشيقة مع أختها أثناء حملها

GMT 15:51 2019 الإثنين ,13 أيار / مايو

حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بالشهر الفضيل

GMT 15:56 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت

GMT 12:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قيس الشيخ نجيب ينجو وعائلته من الحرائق في سورية

GMT 11:35 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

أمل كلوني تدعم زوجها بفستان بـ8.300 دولار

GMT 08:09 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يُثني على النجم أبو تريكة ويعتبره نجم كل العصور

GMT 19:44 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

"شانيل" تبتكرُ قلادة لؤلؤية بطول 60 قدمًا

GMT 16:32 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

كنيسة قديمة تتحول إلى منزل فاخر في جورجيا

GMT 16:59 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

جاكوبس تروي تفاصيل "The Restory" لإصلاح الأحذية

GMT 17:32 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مقتل صاحب إذاعة موسيقية خاصة بالرصاص في طرابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates