بقلم - كريمة كمال
كتبت، فى الأسبوع الماضى، عن إغلاق مجلة الكواكب أو دمجها كما قيل فى مجلة حواء.. وهنا يجب أن أذكر أن الأمر لا يتوقف على مجلة الكواكب فقط، فما حدث للكواكب سوف يحدث للكثير من الإصدارات الأخرى من الصحف والمجلات القومية، والمشكلة هنا أن مصير هذه الإصدارات قد نوقش منذ عدة سنوات، وتم التوصل إلى قرار الدمج، أو فى الواقع التصفية، والمشكلة هنا أن اتخاذ هذا القرار كان بناء على أن هذه الإصدارات لم تعد توزع بالشكل الكافى.
بل ربما لم تعد توزع على الإطلاق، وهى فى نفس الوقت تكلف الدولة أعباء مالية كبيرة نتيجة دعم الدولة المادى لها.. كان القرار معدا ومتخذا منذ سنوات وينتظر لحظة التنفيذ، ولا أحد يشكك فى أن كثيرا من هذه الإصدارات قد توقفت عن التوزيع ولم تعد موجودة بالفعل، لكن هل كان الحل الوحيد هو التصفية أو الدمج؟.
المشكلة هنا أن القرار قد اتخذ بمنطق التخلص من المشكلة، وليس بمنطق أفضل ما يمكن أن يحدث للحفاظ على تراث وتاريخ هذا البلد، المتمثل فى هذه الإصدارات، فهذه الإصدارات هى فى الواقع منجم لأى باحث أو دارس لتاريخ مصر، سواء كان التاريخ السياسى أو الاجتماعى أو الفنى، وكان الأجدى عند مناقشة مصير هذه الإصدارات ليس النظر إليها على أنها عبء أو مشكلة، بل النظر إليها على أنها كنز يمكن الاستفادة منه بتحويله إلى مواقع يتم تخزين الأرشيف بها.
بحيث تتحول هذه المواقع إلى مصدر يلجأ إليه الدارسون والباحثون فى تاريخ مصر، على أن يعمل العاملون فى هذه الإصدارات فى عملية التحويل هذه تحت إشراف قيادة أو قيادات مؤهلة فى الأرشفة والمواقع.. هنا فقط لا نكون قد تخلصنا من هذا التاريخ الحى، بل نكون قد استفدنا منه وقدمناه إلى الأجيال القادمة لتستفيد منه هى الأخرى.
أتمنى حقا أن يعاد النظر فى قرارات التصفية قبل أن تطول كل الجرائد والمجلات، ما عدا أقل القليل الذى مازال موجودا على الساحة، والذى من المؤكد أنه سيلحق بالتصفية فيما بعد.. أتمنى أن يعاد النظر فى المسألة بمنطق الاستفادة، وليس التخلص من عبء ومشكلة، وهنا أؤكد أن هذه النظرة يجب أن تكون للإصدارات التى لها تاريخ حافل، فهل نلقى بالتاريخ السياسى لروزاليوسف فى سلة المهملات، وهل نلقى بالتاريخ الثقافى لمجلة الهلال فى نفس السلة؟ هل نهدر كل هذا التاريخ الذى تمثله مجلة آخر ساعة مثلا، وهل نلقى بكل هذا التاريخ، الذى رصد التحول الاجتماعى على مدى عقود بين صفحات مجلة صباح الخير، إلى القمامة ولم يعد موجودا؟.
مرة أخرى هذه الإصدارات هى تاريخ مصر فلا تتخلصوا منها بهذا الشكل، بل حاولوا الاستفادة منها لتبقى للأجيال القادمة بالطريقة التى باتت هى الطريقة التى تتعامل بها هذه الأجيال والأجيال القادمة، وهى المواقع والصفحات الإلكترونية، ولا تحشروا صحفيى هذه الإصدارات مع غيرهم ليفعلوا لا شىء حتى تتم إحالتهم إلى التقاعد، بل استفيدوا منهم فى تحويل هذا التاريخ المهمل إلى تاريخ حى يمكن الاستفادة منه الآن وغدا وبعد غد.
من المؤكد أننى لست وحدى التى تنظر بأسى إلى مثل هذه القرارات، فهناك الكثير من أعلام الصحافة وشيوخها ممن يمكن أن يدلوا بدلوهم فى هذا الأمر قبل أن تتم الإطاحة بجزء عزيز من تاريخنا.. لا أحد يطلب من القائمين على المجلس الأعلى للإعلام أن يبقى على هذه الإصدارات كما هى، لكن لا تقوموا بتصفيتها وكأنما تتخلصون من شىء زائل وبلا أى قيمة.