مجتمع مريض

مجتمع مريض

مجتمع مريض

 صوت الإمارات -

مجتمع مريض

بقلم: كريمة كمال

هل بتنا مجتمعًا مريضًا؟، هل يمكن أن نطرح هذا السؤال، بعد أن تكررت حالات ابتزاز الفتيات التى قادتهن إلى قتل النفس والانتحار تخلصًا من الفضيحة التى تُحاك لهن.. بعد «بسنت»، جاءت «نيرة»، وقبلها أخريات، ولم يتوقف سيل الضحايا.. فتاة متفوقة جاءت من الأرياف إلى جامعة العريش لتلتحق بكلية الطب البيطرى وتعيش فى المدينة الجامعية، فتسقط فى فخ التنمر والابتزاز، وقد اعتدنا أن يأتى هذا الابتزاز من شباب، أما هذه المرة فقد قادت الابتزاز فتاة زميلتها، أى فتاة مثلها، سواء سرقت صورها من الفيس بوك أو قامت بتصويرها فى الحمام لتهددها بنشرها على كل مواقع التواصل، أما لماذا؟، فلا أحد يدرى حتى الآن الدافع الذى دفعها مع زميل لها إلى مطاردة الضحية، حتى بعد أن حاولت الاعتذار لها.. لم تجد وسيلة ولا مهربًا من الفضيحة، وتصورت رد فعل أهلها البعيدين عنها، وبقى الخلاص فقط فى حبة غلة اشترتها لتبتلعها وتفارق الحياة فى المستشفى.

قصة بشعة بكل المقاييس، والأسوأ ما جرى بعد ذلك على مواقع التواصل الاجتماعى، فقد خرجت بعض الصفحات المجهولة لتخوض فى عِرض الفتاة الميتة، وكلها تحسب نفسها على عنوان واحد، هو «زملاء نيرة يكشفون حقيقتها»، حيث يدعون أنها كانت لها علاقة بشاب، وأنه قام بتصويرها وابتزازها.. اللافت أن كل هذه الصفحات مزيفة، بينما خرج زملاء «نيرة» الحقيقيون ليعلنوا شهادتهم عن «نيرة»، وكيف أنها كانت جادة، ولا تهتم سوى بدراستها وتفوقها، فلماذا يحاول البعض تشويه الضحية؟.

فكرة تشويه الضحية تُذكرنى أيضًا بـ«نيرة» أخرى قُتلت على باب جامعتها من زميل لها لم يقبل رفضها له، وبعد دفن الضحية خرج مَن يتعاطف مع القاتل حتى بت أتصور أنهم على وشك أن يصنعوا له مقامًا. ما يقف وراء مثل هذه الصفحات إما مرضى نفسيين أو منتمين لمَن له مصلحة فى الدفاع عمن هو متهم أو مَن يكره أى امرأة أو فتاة، ويقف فى صف الشاب، حتى لو كان قاتلًا. كل ذلك يعنى شيئًا واحدًا، وهو أننا لم نعد مجتمعًا سليمًا، بل نحن حقًّا فى حاجة ماسّة إلى الدراسة النفسية والاجتماعية، فما يجرى من جرائم غير عادى، والتفاعل الذى بات يحدث ما بين المصريين بات تفاعلًا مريضًا، حتى بين الشباب أنفسهم، بل ربما هم الأكثر تعرضًا للأمراض النفسية والاجتماعية بحكم السن والضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية.. سبق أن تساءلت: لماذا لا يُجرى مركز البحوث الاجتماعية والجنائية دراسات حول حوادث العنف والابتزاز التى باتت تتكرر بشكل لافت وغريب؟.. نحن فى أمَسّ الحاجة إلى دراسة ما يجرى فى المجتمع، خاصة وهو يتفاقم ويتزايد يومًا بعد يوم.

تغليظ العقوبات وحده لا يكفى، فيجب أن تكون هناك توعية كافية فى المجتمع، بحيث يدرك مَن يريد أن يسلك طريق الابتزاز أنه يمكن أن يعاقب عقابًا قد يكلفه مستقبله، وأن تعلم الضحية ما الذى يمكن أن تفعله إذا ما تعرضت لحالة ابتزاز، وأعتقد أن المجتمع المدنى هو الأقدر على القيام بمثل هذا الدور فى مساعدة الضحية، بدلًا من أن تجد نفسها وحيدة فى مواجهة مجتمع لا يرحم، فتتخلص من حياتها.. كلمة أخيرة لكل مَن ادّعَى على «نيرة» أنها كانت على علاقة بشاب.. أولًا: ليس من حق أحد أن يخوض فى خصوصيات الآخر، ولا أن يُنصب من نفسه قاضيًا عليه من حقه أن يحكم وأن يدين سواء كان هذا حقيقيًّا أم مجرد افتراء.. وأخيرًا: هل ستتم ملاحقة مَن ابتز «نيرة»؟، وهل ستتم ملاحقة مَن أراد تشويه صورتها بعد أن رحلت؟.. نحن فى الانتظار

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجتمع مريض مجتمع مريض



GMT 05:55 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 05:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 05:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الهُويَّة الوطنية اللبنانية

GMT 05:53 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

GMT 05:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

GMT 05:45 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بين الديمقراطيين والجمهوريين

GMT 05:45 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

واقعية «سرقات صيفية» أم واقعية «الكيت كات»؟

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - صوت الإمارات
ظهرت الفنانة إلهام شاهين في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي، وهي مرتدية فستانا أزرق طويلا مُزينا بالنقوش الفرعونية ذات اللون الذهبي.وكشفت إلهام تفاصيل إطلالتها، من خلال منشور عبر حسابها بموقع التواصل "فيسبوك"، إذ قالت: "العالم كله ينبهر بالحضارة الفرعونية المليئة بالفنون.. وها هي مصممة الأزياء الأسترالية كاميلا". وتابعت: "تستوحى كل أزيائها هذا العام من الرسومات الفرعونية.. وأقول لها برافو.. ولأن كثيرين سألوني عن فستاني في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.. أقول لهم شاهدوه في عرض أزياء camilla". يذكر أن فستان الفنانة المصرية هو نفس فستان الكاهنة "كاروماما" كاهنة المعبود (آمون)، كانت الكاهنة كاروماما بمثابة زوجة عذراء ودنيوية للمعبود آمون. وهي ابنة الملك (أوسركون الثاني) الذي حكم مصر خلال الأسرة الـ 22...المزيد

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates