النكبة 67  الفلسطينيون كمّاً ونوعاً

النكبة 67 : الفلسطينيون كمّاً ونوعاً !

النكبة 67 : الفلسطينيون كمّاً ونوعاً !

 صوت الإمارات -

النكبة 67  الفلسطينيون كمّاً ونوعاً

حسن البطل

ذكرتني إحصائية جهاز الإحصاء عن العديد الفلسطيني بأمور شتّى: عديدهم في العالم، وفي الشتات العربي، وفي أرض البلاد التاريخية، وفي الأراضي الفلسطينية. إنه تعداد كمّي لمناحي الحياة.
ماذا عن علاقة الكم بالنوع وهي الوجه الآخر، الحقيقي، لحياة الشعب؟ تعرفون، أولاً، أن جهاز الإحصاء لم يكن موجوداً قبل أوسلو، وكانت «الأونروا» تنشر تقديرات عن عديد اللاجئين الفلسطينيين، في الأراضي الفلسطينية وبلاد اللجوء، وأن سلطة الاحتلال أجرت تعداداً عاماً واحداً بعد الاحتلال مباشرة، وكان تقديرياً (لعدّ الغنمات؟) وليس مسحاً ميدانياً شاملاً مناحي الحياة، كما في التعداد العام للسكان والمساكن الذي أجراه جهاز الإحصاء الفلسطيني مرتين منذ أوسلو الميمونة ـ الملعونة!
فقط، مع تشكيل السلطة، وهي نقلة نوعية سياسياً، صار الرقم الفلسطيني على خارطة الإحصائيات الدولية.
نعرف أن النكبة كانت بمثابة «قاصمة الظهر» للشعب الفلسطيني، لأن فلسطين الساحلية ومدنها المزدهرة كانت مركز الحياة الفلسطينية في نواحيها المختلفة. المسألة ليست أن إسرائيل قامت على 78% من أرض فلسطين، لكنها اقتلعت «زبدة» الشعب من مدن الساحل.. ورمته للتشرد والضياع والتبديد!
مع ذلك، فإن «فلسطين اللاجئة» نهضت من جديد إلى صدارة قيادة الشعب: نضالياً وثقافياً، وتطورت الأراضي التي بقيت خارج الاحتلال حتى العام 1967 بفعل نهوضهم.
أيضاً، تطورت نوعية حياة الشعب في اللجوء العربي، رغم الصورة الفيزيائية البائسة لمخيمات اللجوء، وقاد اللاجئون «ثورة تعليمية» ثم أكاديمية جعلتهم في طليعة الشعوب العربية.
مثلاً، في اللجوء السوري فإن نسبة الملتحقين بالمدارس تبلغ 97% وهي نسبة عالمية، والآن فإن الأمية في الأراضي الفلسطينية تتراوح بين 4 ـ 6% وهي من أقل النسب في العالم الثالث، وكذلك الأمر، تقريباً، لدى الفلسطينيين في إسرائيل.
قلت إن تشكيل السلطة كان بمثابة نقلة نوعية في حياة الشعب، وحدثني صديق ولد في حيفا وعاد بعد أوسلو بعض تفاصيل عن هذه النقلة ومنها (باعتباره باحثاً مستقلاً وغير فصائلي أو سلطوي).
صار لدينا دستور مؤقت (قانون أساسي) ورغم الظروف الذاتية والموضوعية المعيقة، فإن حقوق الإنسان في مواده هي من الأرقى بين دساتير دول العالم، مثلاً المرأة الفلسطينية تمنح جنسيتها إلى أولادها من جوازها بغير فلسطيني، وهذا أمر غير موجود في كثير من الدول العربية. يعني: «حارسة بقائنا ونارنا الدائمة» كما في إعلان استقلال فلسطين ليس مجرد كلام.
تضاعفت نسبة المرأة في سوق العمل بأجر من 7 ـ 8% إلى 19%، وزاد معدّل العمر الافتراضي 12 سنة إلى 75 سنة.
على الصعيد الديمغرافي الكمي مارس حوالي 320  ألفا «حق العودة إلى أراضي السلطة، وساعدوا في تطورها على غير صعيد. وعلى صعيد الكم الديمغرافي فإن الزيادة إيجابية، فلا توجد هجرة ومغادرة واسعة.
صحيح، هناك كلام كثير عن الفساد السلطوي، لكن حسب تقارير الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فإن الفساد السلطوي الفلسطيني من الأقل في العالم الثالث، ويقول عزمي الشعيبي، حسب تقارير «أمان» إن الشعور بالفساد أكبر بكثير من الفساد الفعلي.
إلى ذلك، يتمتع الفلسطينيون أكثر من إخوانهم في الدول العربية بحرية نسبية، و»اللسان الفالت» باستثناء لبنان، رغم المعيقات الموضوعية الناشئة عن الاحتلال، والذاتية الناشئة عن الانقسام الطارئ.
السلطة الفلسطينية، على رغم قصوراتها في مناح كثيرة، هي من الأفضل إدارة وتجهيزاً بين سلطات دول العالم الثالث، لأنها سلطة حديثة تأخذ قمة ما وصل إليه العالم من تكنولوجيا، وتقتبس من تطور إسرائيل التكنولوجي، على رغم تحكم الاحتلال بمناحي حياة رئيسية (الأرض، والمياه وحرية التنقل مثلاً).
الديمغرافيا تلعب دورها في رسم سياسة إسرائيل إزاء الشعب الفلسطيني، سواء داخل أراضيها أو في جملة أرض فلسطين، لكن للتراكم الكمي الديمغرافي جانبا يرتب عليه وهو التراكم النوعي.
الفلسطينيون جاهزون وقادرون على إدارة دولة وطنية، وسوف يؤدي التراكم الكمي الفلسطيني وما يرافقه من تطور نوعي إلى إجبار إسرائيل على إعادة رسم سياستها في الموضوع الفلسطيني إن عاجلاً أو آجلاً.
تضاعف العديد الفلسطيني زهاء 9 مرات من النكبة، وكذا تضاعف عديد الفلسطينيين في إسرائيل من 154 ألفا إلى مليون ونصف المليون، ويقيم نصف الشعب في مناطق السلطة، أي كما يقيم نصف يهود العالم في إسرائيل، رغم أن لليهود «حق عودة» وليس للفلسطينيين مثل هذا الحق.
الفلسطينيون هم شعب حي، ويخوض صراعاً وطنياً، بينما يعاني غيره من صراعات دينية ومذهبية وطائفية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النكبة 67  الفلسطينيون كمّاً ونوعاً النكبة 67  الفلسطينيون كمّاً ونوعاً



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates