الثابت الديني والمتحول العلمي

الثابت الديني والمتحول العلمي

الثابت الديني والمتحول العلمي

 صوت الإمارات -

الثابت الديني والمتحول العلمي

حسن البطل

سأحكي لكم كيف وصلت «داعش» إلى مخيم اليرموك، وكيف وصلت، قبلها، إلى الرقة؟ في العمق أن شعار: الإسلام دينا ودنيا تطوّر وتطرّف إلى شعار: الإسلام هو الحل!.
لكن، لماذا كانت العراق ثم سورية في حكم حزب البعث العلماني منشأ الداعشية وتفشّيها؟ ربما عندما كتب صدام حسين على علم العراق عبارة الجهاد: «الله أكبر» غطاء لحرب قومية. ربما إلى أبعد من هذا في سورية. كيف؟
في دراستي الابتدائية في مدرسة سورية، أوائل خمسينيات القرن المنصرم، قرأت في كتاب التاريخ قصة «اجتماع السقيفة» كما هي قصة منتدى أو برلمان معاصر، حيث الآراء شتّى.
لكن، في أوائل سبعينيات القرن المنصرم، تناولت وقلبّت كتاب تاريخ لابنة أخي، وكانت قصة «اجتماع السقيفة» على منوال: «اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا».
المهم، أن نظام التعليم في سورية، لما كنت تلميذاً أوائل الخمسينيات، كان متأثراً إلى حد ما بمناهج المدرسة العلمانية الفرنسية، ثم صار في عهد حكم حزب البعث العلماني ينحو منحى دينيا.
السؤال عن ديمقراطية عربية تفصل الدين عن السياسة مرتبط بالسؤال عن كيفية فصل الدين عن العلم. أنا لست باحثاً مختصاً لا في هذا ولا في ذاك، لكن لما صافحت الرئيس السيسي، بعد لقائه مع صحافيين عرب، بمناسبة اليوبيل الذهبي لاتحاد الصحافيين العرب الذي كرمني أوجزت التاريخ العربي بالقول له على الواقف:
يا سيدي الرئيس. كان التاريخ العربي قبل الإسلام أقرب إلى تاريخ قبائل. بعد الإسلام صار أقرب إلى تاريخ خلفاء وامبراطوريات. الآن، مع هذا الربيع العربي عليه أن يصبح تاريخ الشعوب. لا أدري هل شد السيسي على يدي علامة الموافقة أم لأنه يشدّ على أيدي المصافحين كعسكري؟
قال لي صديق متابع، إن ما يجري في مصر حالياً هو إعادة النظر في طريقة التعليم الديني في المدارس. والكتب والمراجع التي يعتمدها. يعني: ثورة تدريجية في هذا المجال.
لي صديق يشارك في إعادة كتابة الكتب المدرسية الفلسطينية في مجال التكنولوجيا، للصفوف المدرسية من ٨ - ١٢ لصالح مديرية المناهج - وزارة التربية والتعليم.
هناك غالبية وأقلية في اللجنة. الأقلية تتشكل من ٢ - ٣ أعضاء، والمسألة أن الغالبية تصرّ على إقحام أحكام الشرع وآيات القرآن في كل مجال علمي وتكنولوجي. على سبيل المثال: في موضوع الفيروسات والبكتيريا تتصدر آية: «والله يعلم ما لا تعلمون». لماذا ليس: "ما أوتيتم من العلم إلا قليلا"؟
قلت له هذه القصة: طالبة دكتوراه سعودية في جامعة أميركية أعدّت رسالة في علم الأحياء، ونالت عليها تقدير «امتياز» لكن أصرّت على تقديمها بآية من آيات القرآن الكريم. في النتيجة قُبلت رسالتها بتقدير عادي.
قلت له: لماذا لا تقترحون وضع آية مطلع كتاب التكنولوجيا مثل: «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون».
المسألة ذات طرافة معينة ففي تحديث في مجال قواعد البيانات (علم الحاسوب) أصرّ رئيس اللجنة على إيراد مثل عن رجل متعدد الزوجات وأبنائه، فلما قالت الأقلية، إن لا علاقة لهذا بذلك رماهم بمعاداة «الشرع» .. وفي نهاية النقاش غير المثال.
هناك سبب إضافي لفصل الدين عن العلم وهو ان العلم «حيط مائل» قابل للنقد والنقض والتغيير، ومبني على الشك والبرهان والتجربة، فإذا اتكأ الدين على مقولة علمية جديدة، وأنها «تثبت» ما جاء في القرآن .. فماذا يحدث إن تمتّ البرهنة اللاحقة على أنها افتراضية وعلى غلط!
قام عبد الناصر بنصف إصلاح عندما أدخل الطب والهندسة والعلوم الى جامعة الأزهر، وحث على «إعادة كتابة التاريخ العربي والإسلامي». والآن، باشر السيسي حركة إصلاحية أكثر عمقاً.
صحيح، أن مدارس التوراة في إسرائيل تجافي العلوم الوضعية واللغة الإنكليزية، لكن القاعدة العلمانية في إسرائيل أوسع من نظيرتها العربية، ولو أن المدارس العربية تدرّس العلوم واللغات، وغالباً، تعزّزها بأحاديث وآيات تبدو في سياقها لكن تخالفها في المنطق العلمي.
صرنا لا نميز بين «الداعية» و«الشيخ» وبين الشيخ والعالم، وبين العالم في شؤون الدين والعالم في شؤون العلم .. وانتهينا إلى مسألة التفريق بين الفرق الإسلامية المتناحرة وبين «الجهاد في سبيل الله».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثابت الديني والمتحول العلمي الثابت الديني والمتحول العلمي



GMT 21:44 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

دولار ترمب

GMT 21:43 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة

GMT 21:43 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

هزيمة "حماس" لا تعني تجاوز الشعب الفلسطيني

GMT 21:42 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

وعد ترمب ووعيده من المناخ للصحة

GMT 21:42 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الواقعية والغرابة في مأساة غزة

GMT 21:41 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

تنصيب ترمب وعوالم التفوّق التكنولوجي

GMT 21:40 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أميركا... واستحقاقات العهد الذهبي

GMT 21:40 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ترامب ومصير العالم

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 23:43 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أحلام تشعل أولى حلقات "المتاهة" مع وفاء الكيلاني

GMT 16:19 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مُميَّزة لتصميم أرضيات الشّرفات بشكل رائع

GMT 22:11 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

" قونكة " مدينة رائعة لشهر عسل مع أكثر المناظر الخلابة

GMT 13:28 2016 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

فنانون مصريون وصلوا إلى عالم الشهرة في سن متأخرة

GMT 16:45 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على أفكار ممتازة للتغلب على ضيق المطبخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates