ممدوح

ممدوح

ممدوح

 صوت الإمارات -

ممدوح

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

قال سيدنا الصوفي ما قاله عن ما يفرق الحلم الذي في النوم واليقظة التي في الحلم. نحن، جيل الستينيات في دمشق الشام، عشنا شيئاً آخر بين حلم قصير وانكسارين عميقين.
أكانت الشام - الناصرية حلماً قصيراً؟ أم كانت الشام - الانفصالية انكسار عُرف الموجة؟ أم كانت الشام - الحزيرانية انكسار الموجة على صخور الساحل الشامي من «رأس البسيط» شمالاً إلى «رأس الناقورة» جنوباً؟
لاذ سيدنا الصوفي ذاك بما لاذ به.. ونحن جيل الستينيات في دمشق الشام، لذنا من حمأة تحطم الحلم إلى حمأة الحياة: نص جديد. شعر جديد. مسرح جديد. هل كان زادنا الجديد كافياً لرؤية جديدة، تبدأ من موقف جديد؟
الموقف الباسل من سؤال الانكسارين، انتهى إلى موقف باسل من سؤال الموت الشخصي عند اثنين من مثقفي جيل الستينيات الدمشقي - العربي، هما: سعد الله ونوس، وممدوح عدوان.
ستجدون مقاربة حلم العناد، أو صدى لمحنة أكثر من انكسارات لأكثر من أعراف موجات في مقاربة محمود درويش لشبح سؤال الموت: هزمتك، يا موت، الفنون كلها.
بين انكسارين حوّلوا «سينما الحمراء» في «شارع الصالحية» بدمشق إلى صالة مسرح، دشنها سعد الله ونوس في «حفلة سمر لأجل الخامس من حزيران». الموقف الباسل من سؤال/ انكسار الهزيمة، كالموقف الباسل من سؤال/ انكسار الحياة.. وهكذا، ودعنا سعد الله ونوس بنص جديد عن الموت/ موته.. قبل الموت/ موته. حماقة الحالم.. حماقة الذكي.
يقولون: يتوهج النجم قبل انطفائه، ويتمدد النجم قبل انكفائه «قزماً أبيض»، أو مشروع «ثقب أسود» صغير.
توهج سعد الله ونوس على عتبة موته.. وانطفأ، توهج حسين البرغوثي.. وانطفأ.. وعلى شاشة التلفاز يحكي ممدوح عدوان بلسانه عن وهج قلبه وروحه.. قبل أن ينطفئ.
كنت سأقول له: «سيطلقون عليك النار أيها الزنديق»، وكان سيقول لي: أنا الذي يطلق عليهم النار. بعد الانكسار الثاني الحزيراني، صادفته على رصيف الطريق إلى الجامعة. التقط عن الأرض ورقة قذرة، وكتب لي ترجمته لشعر شاعر فرنسي: «قد اعتاد الناس قوس قزح بخمسة ألوان. لو اكتشف الناس أن القوس بأربعة ألوان، أو بستة ألوان، لأطلقوا النار عليه أيضاً».
***
«قال لي الطبيب: لديك ورم خبيث في رأسك. قلت له سأقهره لأنني أخبث منه».. وضحك. حقاً، لم تتغير ضحكته الساخرة التي كانت له في الستينيات. لم يخمد بريق الخبث في عينيه.. ولكنني لم أصدقه. لن يهزم السرطان الخبيث بخبث أخبث. لن يهزم حمأة الموت بحمأة الحياة. سيترك لنا نصه (شعراً، مسرحاً، نقداً، تراجم أدبية.. ومواقف سياسية). سنترك نصوصه لجيل آخر، صهره انكسار أعمق وأعمق ضرب وعيه قادماً من انكسار نيسان 2003 في عاصمة الرشيد.
***
كانت دمشق الستينيات شيئاً من «كومونة عربية».
منشقون عراقيون . شباب من جناح قومي بعثي إلى جناح قومي بعثي. فدائيون فلسطينيون انشقوا عن الأمة وأجنحتها.. ليزدادوا انشقاقاً فصائلياً. سوريون من أعماق «الجزيرة السورية». من سفوح تلال القامشلي، وضفاف الفرات والخابور والأعرج في بادية الشام. سوريون علويون هبطوا «جبال العلويين» إلى غوطة دمشق. طلاب جامعات فلسطينيون من الضفة وغزة.. ولاجئون فلسطينيون إلى سورية من النكبة، إلى الوحدة، إلى انكسار الانفصال السوري، إلى انكسار الهزيمة الحزيرانية. من خروج صريح إلى عودة ملتبسة.
***
قال سيدنا الصوفي، الآخر: «الرجال العقلاء تهزمهم المرأة. الرجال الجهلاء يهزمون امرأة.. لأن قوة الحيوان احتبست فيهم».
كانت المرأة الدمشقية - الاسماعيلية المذهب عاقلة، وكان الرجال المتنافسون عليها عقلاء.. فلم يهزم أحد منهم أحداً. بقي الأصدقاء - أصدقاء. ووزعت المرأة على الثلاثة نصيبهم: أعطت ممدوح وردتها. أعطتني قلبها.. وأعطت خليل رحمها وذريتها.. وأهدت الجميع ديواناً شعرياً لها عنوانه: «ذهب الذين أحبهم..».
قد تفرق امرأة شقيقين.. وقد تجمع امرأة بين ثلاثة رجال. لك أن تعدّ كم موجة في البحر ذات عُرف. لك أن تعدّ كم موجة ذات انكسار على الشاطئ. كم نهر يصب في البحر، وكم نهر يصب في مستنقع.. وكم بحر لا يصب في بحر.
حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ممدوح ممدوح



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates