هامش بيئوي والمتن سياسي ديمغرافي

هامش بيئوي.. والمتن سياسي ديمغرافي

هامش بيئوي.. والمتن سياسي ديمغرافي

 صوت الإمارات -

هامش بيئوي والمتن سياسي ديمغرافي

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

بَعُد عهدي بأحراش جيبيا، في سنوات ما قبل الألفية وبعدها بقليل، كنّا الثلاثة نرتادها؛ الراحل الفنّان سمير سلامة وصديقته ربى، خرّيجة «بيرزيت». ما أن نحطّ عدّة الشواء، حتى نبدأ بلملمة ثلاثة أكوام من النفايات المبعثرة بعلوّ قامة الإنسان.
لذا، لما نشر الزميل التشكيلي، خالد الحروب صورة له من الأحراش حتى سألته: هل صارت نظيفة؟ أسعدني جوابه.. وأتعسني قوله: هناك همس عن تسريب.
كتبت ثلاثة أعمدة، قبل الألفية وبعدها بقليل، عن أحراش أم صفا، الأكثر تنوُّعاً في غطائها الشجري، وكنّا نرتادها في أيام الجمع بخاصة، ويرتادها مستوطنو مستوطنة مجاورة أيام السبوت بخاصة. في عمود مُعنون «أزياء أم صفاه» انتهى إلى: صارت هناك مقاعد أكثر للمتنزهين وصنبور ماء، وأماكن للقمامة، مع ذلك تشعر أن هناك خطة ما، لا تتعلق بالاصطفاء الطبيعي بين الشجيرات، وإنما بالصراع مع اليهود على الأرض، البعض يخشى أن يؤول مصير غابة أم صفاه إلى مصير غابة تلة أبو غنيم.
توقف المتنزهون الفلسطينيون عن ارتياد غابة «أم صفاه» أيام الجمع، بعدما توسعت المستوطنة إلى بوابتها، وقد يتوقفون عن ارتياد أحراش جيبيا، إن تم تهويدها بعد سنوات، نظيفة من مخلّفات المتنزهين العابثين بجمالها الطبيعي الأخّاذ.
بلدية رام الله طوّرت بنجاح رقعة غابية صغيرة، وجعلتها متنفساً أخيراً مجهّزاً جيداً لمشاوير وقعدات الشواء، ونظيفة تماماً من المخلّفات، بإدارة طاقم من الموظفين المياومين.
اعتدتُ مع صاحبي في أيام الحجر الـ «كوروني» على التردد من ساحة مانديلا إلى مركز القطان الثقافي. نترك السيارة عند ساحة مانديلا، ونمشي هرولة إلى تلك القرنة حيث مركز القطان، ومقابله منصة حديدية «مجلفنة» ضد صدأ الزمان، وذات قاعدة خشبية، ربما لتصوير افتتاح المركز، أو مناسباته الثقافية.
المركز الرئيسي على كتف الوادي، وتحته محمية طبيعية فريدة تسمّى الأرض المخلصة (تيرا فيديا) يرعاها برموش العين ورثة «دار زهران» مقابل فرع البنك العربي في رام الله التحتا.
شارع فقط بين المركز ومنصّته، وبينهما وبين «الأرض المخلصة» لكن المنصّة مجهّزة للملمة مخلفات المتنزهين، وأمام المنصّة وخلفها ما هبّ ودبّ من النفايات، تبدو بأشكالها وألوانها في حالة تناقض مع زهور الربيع البرية، وقذى للعين في سبات الزهور في فصل الصيف اللاهب.
هذا الإهمال من المتنزهين يشمل كل قرنة، في ظاهر ضاحية الطيرة الأنيقة والنظيفة غرباً. مهملات الأوراق يبليها الزمان، ومهملات فوارغ العلب المعدنية تأكلها على مهل أسنان صدأ الدهر.. لكن ما العمل مع هذا البلاستيك الحرون على البلى؟.
هل تصدقون؟ من على الأرضية الخشبية للمنصّة الحديدية، نلمّ وصاحبي حتى قفازات مرمية على بعد خطوات قليلة من حاوية القمامة. هل على موظفي مركز القطان أن يعلقوا على المنصّة وجوارها لافتة تقول: اترك المكان نظيفاً كما زرته؟.
كتبت مرّة على صفحتي سؤالاً: هل أن السلطة حالة إدارية أرقى من شعبها، أو أن شعبها حديث العهد بسلطة وطنية؟ قرأت أن بلدية رام الله فازت بجائزة مؤسسة الطاقة العالمية في النمسا على مستوى بلديات الضفة، لتطوير إدارة النفايات الصلبة، وتؤكد البلدية على أهمية التوعية البيئية، خاصة تلاميذ المدارس. حسناً، في كشف امتحانات النجاح في «التوجيهي» لا توجد علامة على مادة غير مدرجة عن التثقيف البيئي، فشوارع المدينة تبقى نظيفة نسبياً، ولكن هذا بفضل نشاط عُمّال البلدية وليس لوعي الناس حول رمي المخلّفات من الأيدي وشبابيك السيارات.

صراع الغور
يقولون إن صراع غور الأردن بدأ مع مشروع ييغال ألون عملياً، لكن بدأ من قبل مع تطلُّعات المشروع الصهيوني قبل إقامة إسرائيل: «للأردن ضفّتان أولاهما لنا، والثانية لنا»، وما أن بدأ الاحتلال حتى وضع واحد اسمه فاختمان مشروعاً لبناء «عمود فقري ثان» لإسرائيل في الأغوار، إلى جانب عمود ديمغرافي على «الخط الأخضر».
في خطة الضمّ أن الأمن الإسرائيلي هو الذريعة، لكن الهدف هو وضع ما تبّقى من الضفة من جيوب بين كمّاشتين ديمغرافيتين يهوديتين. حكومة نتنياهو عقدت جلسة لها في الأغوار؛ وحكومة السلطة عقدت جلسة مضادّة في الأغوار، ومؤتمرين حاشدين في أريحا وفصايل، وقررت لاحقاً برنامجاً لإنعاش منطقة تعتبر «سلّة غذاء» فلسطينية.
عملياً، قامت السلطة بتأهيل وافتتاح بئر عميقة في مخيم عقبة جبر بطاقة 1500 كوب يومياً لمخيم يقطنه 25 ألف نسمة.
هذا صراع على الأراضي، وعلى مكامن المياه، وحتى على الينابيع والأحراش.. وأيضاً على الديمغرافيا، لأن إسرائيل لا تريد تواصلاً مستقبلياً ديمغرافياً بين الضفة والأردن، إذا قامت دولة فلسطينية ذات سيادة على الأغوار.

خبطات التخبُّط الـ «كوروني»
ساخراً، كتب الزميل حافظ البرغوثي على هذا الـ «فيسبوك»: تخبُّط حكومي في إدارة الأزمة.. والفيروس يقيم الأفراح.
حكومات العالم مخبوطة معنا، ويكفي أن ترامب «يخبط» وحكّام الولايات يردون على الخبط».. وكذا في غير حكومة ودولة، سوى أن حكومة إسرائيل ستصرف راتباً للمتعطّلين بخبطة الـ «كورونا»، بينما تصرف حكومتنا المخبوطة نصف راتب كل شهرين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هامش بيئوي والمتن سياسي ديمغرافي هامش بيئوي والمتن سياسي ديمغرافي



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:12 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإمارات تقدم مساعدات إنسانية لدعم الأمن الغذائي في تشاد
 صوت الإمارات - الإمارات تقدم مساعدات إنسانية لدعم الأمن الغذائي في تشاد

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 23:43 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أحلام تشعل أولى حلقات "المتاهة" مع وفاء الكيلاني

GMT 16:19 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مُميَّزة لتصميم أرضيات الشّرفات بشكل رائع

GMT 22:11 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

" قونكة " مدينة رائعة لشهر عسل مع أكثر المناظر الخلابة

GMT 13:28 2016 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

فنانون مصريون وصلوا إلى عالم الشهرة في سن متأخرة

GMT 16:45 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على أفكار ممتازة للتغلب على ضيق المطبخ

GMT 06:35 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

قويض يؤكد دافعت بـ 10 لاعبين بعد التسجيل في شباب الأهلي

GMT 19:11 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الاعلام الكويتي يفتتح الملتقى الثانى للصحفيات الخليجيات

GMT 14:19 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

تصاميم مميزة لجلسات مناسبة لفصل الصيف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates