عبور من نوع آخر

عبور من نوع آخر

عبور من نوع آخر

 صوت الإمارات -

عبور من نوع آخر

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

في اجتيازها شهرها الأول، أرست الانتفاضة الجديدة تقاليد جديدة.. وإلى حين: تشييع الشهداء بين صلاتي الظهر والعصر؛ وتسخين المحاور بين الحجر والرصاصة، بين العصر والمغرب.. وعندما يرخي الليل سدوله تنزل «شهب» السماء إلى الأرض، وتسبح النيازك بين أضواء البيوت.. ثم لمعة انفجار.
«وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً». في شهرها الأول، أرسى جيش الاحتلال تقاليده الجديدة.. وقد تغدو متقادمة بدورها: رصاصة مقابل الحجر. قذيفة مقابل رصاصة.. وإغارة جوية مقابل كل قتيل إسرائيلي. الانتفاضة قسمت اليوم نصفين: نهارات التظاهرات والحجارة؛ وليالي الرصاص والقذائف.
يشتكي زئيف شيف في «هآرتس» من معادلة غريبة: لدى جيش إسرائيل ما يكفيه من المدافع والدبابات؛ الصواريخ والصواريخ المضادة للصواريخ.. وفي كل أسلحة الحرب (التقليدية وغير التقليدية) تميل الكفّة لصالح إسرائيل على مجموع عربي معيّن. لكن، لا لدى جيش الدفاع ما يكفي من «سلاح غير قاتل».. أو أن قنابل الغاز المدمع، وغاز الخردل لا تشكل عنصراً رادعاً لأولاد يتلثمون بقمصانهم أحياناً، أو يتدرّعون بألواح «الزينكو».
«منكم النار والفولاذ.. ومنا لحمنا»../ منكم دبابة أخرى.. ومنا حجر/ منكم قنبلة الغاز.. ومنا المطر».. وإلى حين آخر.
تختار من شريط «مباشر» على مرايا التلفاز لقطات ثابتة، أو تصطاد عيناك في صحف اليوم التالي، بعض الصور من محاور الاشتباكات تذكرك بلقطات من حروب سلفت: محور «سيتي ـ إن» بين مدينة البيرة ومستوطنة بيت ايل، يذكرك بمحور «هوليداي ـ إن» بين بيروت الشرقية وتلك الغربية.
في الحالتين: هناك فندق، وتطل سبطانات القناصة من نوافذه. محور مستوطنة «نتساريم» ـ مدينة غزة.. يذكرك بحرب الاستنزاف المصرية 1968 ـ 1970.
في الحالتين: هناك دشمة عسكرية يرفرف عليها علم إسرائيل، وهناك مغاوير.
كان المغاوير على ضفة السويس يحملون على أكتافهم الـ»آر. بي. جي» أما هنا فالمغاوير هم أولاد الانتفاضة وشبابها.
كانت ضفة السويس الغربية مأهولة بالمدن (كما هي غزة)، وكانت الضفة الشرقية مكتظة بالدشم المفرزة والثقيلة، كما هي «نتساريم»، مدينة غزة نصف مليون إنسان، ومستوطنة نتساريم (192 مستوطناً).  
محور خان يونس ـ مستوطنة كفار دروم (242 نسمة) يذكر ببعض صور بدايات «حرب العبور» في اكتوبر 73.
جنود إسرائيل فوق تلال الرمل، وأولاد الانتفاضة يحملون «دروعاً» هشة : ألواح «زينكو» .. بدلاً من امتطاء قوارب مطاط.
«مطار غزة الدولي» يذكرك، بين إغلاق وآخر، «بمطار خلدة الدولي» اللبناني في بيروت.
إذا انقشعت سحابة العنف، حلقت الطائرات وهبطت.. فإذا احتدم.. صارت المدارج مثل ميدان سباق سيارات رالي، قبل السباق وبعده.. قاعاً صفصفاً.
«طرق التفافية» وأخرى رئيسة، تذكرك ببرنامج «شريف الأخوي» الشهير: «سالكة وآمنة».. وأخرى غير ذلك: حواجز ثابتة أو أخرى متنقلة (طيارة).. وخلف الحواجز هناك «كانتونات» كانت في لبنان، وهنا تفصل بين عالمين، شعبين.. وجودين.. الخ.
«مطار أثينا يوزعنا إلى المطارات».. في زمن المنفى؛ وفي زمن الانتفاضة تستقبل مطارات: عمان، القاهرة، جدة، الكويت، دمشق وبغداد جرحى الانتفاضة.. الذين وصلوا حتى الرياض وطهران.. وتونس، أيضاً، ستستقبل الجرحى، وقد استقبلت الخارجين من بيروت (وبعضهم كانوا جرحى).
يبقى «مطار صدام الدولي» معبراً عن التضامن على خطين: طائرة بوينغ فلسطينية أولى، تحمل على جناحيها بعض الجرحى.. وكذلك، وفداً تضامنياً فلسطينياً. والدواء حائر هل يسافر من فلسطين إلى العراق.. أو يسافر من العراق إلى فلسطين؟!.
ثمة وحدة حدّ أدنى فلسطينية على الاستقلال الوطني وإنهاء الاحتلال.. حتى حدود 1967. هناك وحدة موقف سياسي (عربي ـ دولي) على معادلة «الأرض مقابل السلام».
ليس في إسرائيل وحدة حدّ أدنى على موقف سياسي من «الفصل» الديموغرافي ـ الاقتصادي، والحل السياسي.
إذا كان بعض صور (وحالات) الانتفاضة الحالية يختزل صراعات وحروب خمسين عاماً، فإن حكومة وحدة قومية إسرائيلية تختزل تكتيكات جنرال «دورية الأركان» إيهود باراك، وجنرال «الوحدة 101» للعمليات الانتقامية، أرئيل شارون.
جنرالان أوصلا دبابات إسرائيل إلى بوابات دمشق وبيروت ومدن السويس.. وكوماندوز القتل إلى شواطئ تونس.
الآن، الحرب تدور في الخطوط الخلفية. العالم تعب من الركض بالفلسطينيين والإسرائيليين من قمة إلى قمة سياسية.
الفلسطينيون ملوا انتظار الانتخابات هنا وهناك. إنهم يعالجون تماوت الحل السياسي بصدمة إنعاش تسمى «انتفاضة».
انتفاضة تعبر من يوم إلى يوم، من يوم جمعة حمراء إلى جمعة سوداء. زمن الاستقلال يعبر من ألفية إلى أخرى.. والحل السياسي النطاسي يراوح بين الاستقلال والانفصال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبور من نوع آخر عبور من نوع آخر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates