هي المركز ومدينة الإزاحتين
آخر تحديث 03:46:18 بتوقيت أبوظبي
الأربعاء 12 آذار / مارس 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

هي المركز ومدينة الإزاحتين!

هي المركز ومدينة الإزاحتين!

 صوت الإمارات -

هي المركز ومدينة الإزاحتين

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

اعتدتُ تصيُّد لقطات تملأ ركناً يومياً يسمى «قصتك» في الهاتف الجوّال. لقطة الأمس، عن أكبر ثغرة حفريات في «شارع السهل» الذي هو الشارع الرئيسي لـ»رام الله القديمة» كما الشارع الرئيسي لرام الله الجديدة يسمى «شارع ركب»!
اللقطة تحكي حالة إزاحة نموذجية لبيوت قديمة، مهجورة أو مسكونة، لبناء عمارات سكنية أو مجمعات تجارية مكانها. قبل الثغرة الفاغرة والعميقة، كان أكبر بيت قديم في صدارة أكبر عَرَصَة دار في شارع السهل، الذي صار شارع المقاهي والمطاعم الرصيفية، خاصة المشاوي.
سيملؤون الثغرة، ذات البيت المهجور، بأكبر مجمع تجاري في الشارع، وربما يحوي سوبرماركت أكبر من ذلك الوحيد في الشارع والمسمى «سوبرماركت ريم».
كان في حديقة، أو عَرَصَة البيت القديم، شجرة صنوبر عملاقة وشجرة تين، وفي كل مطلع خريف كنت أتردّد على حديقة البيت، لأملأ أكياساً من أكواز متساقطة، لتكون بعض مؤونة مدفأة الحطب في شقّتي. إلى مؤونة مكملة أخرى من الخشب، تدعمان مؤونة أساسية من حطب شجر الزيتون.
كان البيت القديم من طبقة واحدة، وأرضية حديقته تعلو الشارع. الآن، سيصير للمجمع الكبير مكانه، متعدد الطبقات أساس عميق من اربع طبقات تحت ـ أرضية.
للإزاحة هذه جانب حفريات الأساس، وجانب آخر هو «ردميات شوارع جديدة في مدينة التلال، كما للإزاحة هذه وجهها الآخر، وهو معادلة إزاحة شجرية ـ حجرية، ليست متعادلة بين حدائق البيوت القديمة ولا مختلة مع أشجار العمارات والمجمعات الجديدة، سوى أن تلال رام الله تفقد، مع العمران، تنوعاً مدهشاً في غطائها النباتي الطبيعي، لأن لكل متر مربع فيها تنوُّعاً مدهشاً يعادل ما في كيلومتر واحد من بلاد أوروبا!
كان للبيوت القديمة، الأقرب في طرز بنائها إلى ما يشبه «المربع العربي» حسب ملاحظة المرحوم حسين البرغوثي، ثلاثة أنواع من حجارة البناء: «الطوبزي» النافر، و»الملطّش» الأقل بروزاً، وأخيراً «المسمسم» الناعم نسبياً.. ومن ثمّ كان للبيت القديم واجهة من الحجر «المسمسم» وخلفية من الحجر «الطوبزي».. ثم انقلبت الآية في العمارات متعددة الطوابق، حيث يتسيّد الحجر «الملطّش» واجهات المبنى كلها، وبدلاً من طَرْق حجارة البناء القديمة بالأزاميل وصقلها يدوياً، صارت الآلات تقصّ كتلة حجارة ضخمة، وتدقدق وتنعّم آلياً حجارة بناء «الملطّش» بسماكة 10 سم بدلاً من حجارة «الطوبزي» الثقيلة والسميكة.
مع إزاحة البيوت القديمة ذات الطبقة الواحدة لإحلال عمارات سكنية ومجمعات تجارية، هناك جهد ملحوظ للبلدية في ترميم ما يمكن ترميمه وتحديثه مثل ترميم قلب رام الله القديمة، وكذلك بيت قديم مهجور جرى تحديثه ليصير مأوى لكبار السن، أو تحديث وترميم مقر جمعية النهضة النسائية في شارع يافا. لكن ليس كل بيت قديم محميا من حركة الإزاحة إلى بناء حديث. هناك حقوق الملكية وحقوق الإرث.
أتردّد مع جاري على بيوت ودور «تنعى من بناها الدار» لكن فيها ما يمكن التقاطه وقطفه من ثمار أشجارها من التوت أو الأسكدنيا، أو ثمار الجوز والتين، وحتى من داليات العنب الهرمة، وأحياناً نباتات اللوف وجميعها غير «مهرمنة» أو محقونة بالمخصبات الكيماوية. أحب بالذات ثمار الجوز، لأنها تذكرني بطفولتي في غوطة دمشق، وهي تطيب عندما تنضج من حالة «البغو» المخاطي إلى حالة «المحكم» حيث يصبح لبّ الثمرة طرياً مثل الخيار، ولك ما تشاء من الجوز الناشف في السوبرماركت طبعاً.
قال لي دكتور القلب محمد البطراوي: عضلة قلبك قوية، فقلت له: لكثرة ما أكلت من ثمار الجوز «المحكم» في طفولتي بغوطة دمشق الغناء. الجوز لصحة القلب!
هناك من يبكي على إزاحة بيوت قديمة، مسكونة أو مهجورة، لبناء عمارات ومجمعات، لكن بلدية رام الله تنتهز الإزاحة هذه لجعلها مواقف مؤقتة لعشرات السنوات لمئات السيارات، كما فعلت في موقف «الحلوة» الكبير، الذي سيغدو مجمعات عملاقة، أو حديقة مبنى «الأنكل سام» الذي تشغله حالياً مواقف سيارات لقرى شمال غربي رام الله، أو مجمّع المحاكم قريباً من ساحة المنارة، الذي صار مقراً للشرطة.. والآن أصبح مجمّعاً كبيراً للسيارات والمحلات التجارية. الحركة العقارية شديدة النهم.
في أول الحقبة الأوسلوية ـ السلطوية ضجر رئيس تحرير «الأيام» من كثرة الريبورتاجات والتحقيقات عن رام الله، ثم صارت المدينة موضوعاً لكتب تذمّها غالباً، أو تمدحها أحياناً. إنها ليست عتيقة معتّقة مثل القدس القديمة، أو قلب مدينة الخليل أو مدينة نابلس، لكنها مع ذلك عنوان طفرة البناء والإسكان الجديدة.
هناك مدن ـ عواصم ذات بلديات ممتازة، ورام الله بلدية ممتازة.. هذا إن استطاعت، مثلاً وقف مشروع لهدم المبنى العتيق لمسرح القصبة في مركز المدينة، إذا استطاعت تدبير مبلغ كاف لشرائه من أصحابه.
في أول حقبة السلطة أنجز المخرج عرابي السوالمة فيلماً تسجيلياً متواضعاً عن رام الله، أصبح «تراثاً» بعدما تغيرت المدينة تماماً خلال ربع قرن لا غير، كما لم تتغير مدينة أخرى في هذه الضفة من البلاد.

حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هي المركز ومدينة الإزاحتين هي المركز ومدينة الإزاحتين



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - صوت الإمارات
احتفلت الملكة أحلام قبيل ليلة عيد الحب بعيد ميلادها في أجواء من الفخامة التي تعكس عشقها للمجوهرات الفاخرة، باحتفال رومانسي مع زوجها مبارك الهاجري، ولفتت الأنظار كعادتها باطلالاتها اللامعة، التي اتسمت بنفس الطابع الفاخر الذي عودتها عليه، بنكهة تراثية ومحتشمة، دون أن تترك بصمتها المعاصرة، لتتوهج كعادتها بتنسيق استثنائي لم يفشل في حصد الإعجاب، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك دعونا نفتش معا في خزانة المطربة العاشقة للأناقة الملكية أحلام، لنستلهم من إطلالاتها الوقورة ما يناسب الأجواء الرمضانية، تزامنا مع احتفالها بعيد ميلادها الـ57. أحلام تتألق بإطلالة لامعة في عيد ميلادها تباهت الملكة أحلام في سهرة عيد ميلادها التي تسبق عيد الحب باحتفال رومانسي يوحي بالفخامة برفقة زوجها مبارك الهاجري، وظهرت أحلام بأناقتها المعتادة في ذلك ا�...المزيد

GMT 18:57 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:55 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

تعرف على هاتف شركة سامسونغ غالاكسي S10 الجديد

GMT 04:12 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

سامسونغ تخطط لإطلاق أول لابتوب قابل للطي

GMT 01:07 2021 الإثنين ,30 آب / أغسطس

ديكورات صالونات عصرية تواكب الموضة

GMT 23:57 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

نادي فرايبورج الألماني يعلن ضم ديميروفيتش

GMT 18:41 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

بريشة : هارون

GMT 04:35 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

خفض درجة إضاءة شاشة أجهزة «آي فون»

GMT 13:44 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

طرق تفادي التسمم الناتج من تناول المنتجات العفنة

GMT 09:34 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

ذراع "قف" نظام آلي لحماية أطفال المدارس

GMT 23:12 2019 الثلاثاء ,30 تموز / يوليو

صيحة "مشبك الشعر" تسيطر على الموضة في 2019

GMT 20:43 2019 الثلاثاء ,30 تموز / يوليو

ثغرة أمنية في حزمة LibreOffice

GMT 16:33 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

بورشه 911 الأكثر تألّقًا تخضع للتجديد الثامن منذ 55 عامًا

GMT 20:10 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف علي أفخم وأغلى المطاعم المنتشرة حول العالم

GMT 11:02 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

بريطانية تواجه الإعدام بعد طعن زوجها حتى الموت خلال نزاع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates