بقلم -حسن البطل
مع الرئيس الأميركي الديمقراطي 2021، عادت الولايات المتحدة إلى سياسة الرئيس الجمهوري العام 2004 في الموضوع الفلسطيني. تغير العالم العربي والعالم، ولم تتغير الولايات المتحدة عن «حل الدولتين» الذي أعلنه جورج بوش ـ الابن.
في هذه السنوات، صارت فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة، وبهذه الصفة طلبت جلسة استماع لمجلس الأمن لمناقشة اقتراح رئيس السلطة الخاص بعقد مؤتمر دولي للسلام، تحدث فيه ريتشارد ميلز، القائم بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة، وفي الكونغرس تحدث وزير الخارجية الجديد، أنطوني بلينكن في جلسة استماع. الاثنان تحدثا عن «حل الدولتين».
في جلسة سابقة لمجلس الأمن تحدث رئيس السلطة الفلسطينية عن مئات قرارات الأمم المتحدة في المسألة الفلسطينية، منذ العام 1947، وعشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، أي منذ القرار (242) لعام 1967 إلى القرار (2334) لعام 2016، وفيه امتنعت إدارة الرئيس الديمقراطي، باراك أوباما، عن نقض مشروع قرار يعتبر الاستيطان اليهودي، بما فيه القدس، غير شرعي.
مع الرئيس الجمهوري الـ 45، دونالد ترامب، حصل تحول في سياسة أميركا إزاء الاستيطان، الذي لم يعد في رأيها «غير شرعي» خلاف سياستها منذ العام 1967، وهو كان بمثابة ضوء أصفر لإسرائيل لضمها غور الأردن، وأجزاء من المنطقة (ج)، وعملياً أصبح لأميركا تفسيرها لـ»حل الدولتين» يختلف عن معنى القرار (2334).
«حل الدولتين» قبلته السلطة الفلسطينية باعتباره الاسم الكودي لإقامة دولة فلسطينية، متصلة الأركان ومتواصلة كما قالت المستشارة ثم الوزيرة، كوندوليزا رايس في إدارة جورج بوش ـ الابن، وقبله مراوغة نتنياهو في خطاب جامعة بار ـ ايلان 2009 في مستهل ولاية أوباما، لتلافي خلاف سياسي معها.
في اليوم الأول للرئيس بايدن، والأيام اللاحقة، وقّع عدة أوامر تنفيذية داخلية ألغت جوانب لسياسة سلفه، ولمح إلى سياسة دولية مختلفة، لكنه قبل وبعد تنصيبه، كرر التزام سياسة سلفه العام 2004، حول «حل الدولتين».
في جلسة مجلس الأمن الأولى بعد انتخاب بايدن، تحدث المندوبون الدوليون الـ 15 الأعضاء الدائمون والموسميون، عن «حل الدولتين»، وفي القرار (2334)، امتنعت الولايات المتحدة وحدها عن نقض القرار، لكن إدارة بايدن سوف تنقض جوانب في سياسة ترامب حول «حل الدولتين»، وسوف تقبل جوانب أخرى، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكن سوف تعيد افتتاح مكتب منظمة التحرير لديها، وتستأنف مساعداتها للسلطة و»الأونروا»، وستواصل دعم معاهدات السلام بين الدول العربية وإسرائيل.
في ولاية ترامب، سرّعت إسرائيل خطوات الاستيطان، وتكتفي أوروبا والعالم والدول العربية بإدانة ذلك، باعتباره يهدد «حل الدولتين»، فهل إذا طلبت فلسطين جلسة لمجلس الأمن حول تمادي الاستيطان ستكرر الإدارة الجديدة الأميركية موقفها كما في القرار (2334) وتكتفي بذلك، أما المستبعد فهو الانتقال من الامتناع عن التصويت، إلى التصويت لصالح القرار.
ستكون هذه الخطوة هي المطلوبة للانتقال من «حل الدولتين» إلى مفتاح هذا الحل، وهو الاعتراف بدولة فلسطين، مع أن هذا الانتقال الأميركي مربوط بانتقال دول الاتحاد الأوروبي من تأييد «حل الدولتين» إلى الاعتراف بدولة فلسطين.
كما هو متوقع، كررت إدارة بايدن، التزامها بما يسمى «أمن إسرائيل» كما سابقاتها، مع أن لا أحد في جوارها العربي يهدد أمنها.. إلاّ ما تراه إسرائيل وأميركا وأوروبا من مخاطر إيران النووية، ليس على إسرائيل فقط، لكن على الأمن الإقليمي والدولي.
في ولاية ترامب وسياسته إزاء فلسطين وإسرائيل و»حل الدولتين» لم تعد فلسطين تقبل احتكار أميركا للحل، وهي تطالب بمؤتمر دولي موسّع، ومتعدّد الأطراف أكثر من اتفاقية فيينا النووية بين إيران وخمس دول كبرى أخرى ضامنة.
حتى قبل ولاية ترامب اقترحت موسكو استضافة مثل هذا المؤتمر، لكن إسرائيل لم توافق صراحة ولا الولايات المتحدة، كما لم تشاركا في مؤتمر باريس الدولي المختصر.
ربما تنتظر إدارة بايدن كيف ستتشكل حكومة إسرائيلية بعد انتخابات رابعة في آذار خلال سنتين، وكذلك انتخابات فلسطينية في أيار، إلى نتيجة مفاوضات لاحقة محتملة حول مصير اتفاقية فيينا النووية، وهل توافق أميركا على إعادة العمل فيها، أو توافق إيران لإعادة التفاوض حول تعديلها لتشمل ترسانتها من الصواريخ.
في انتخابات أميركا، تمكنت الديمقراطية الأميركية من النجاح في تصحيح سياسة ترامب الداخلية، وجوانب من سياسته الدولية، لكن من غير المتوقع أن تؤدي انتخابات آذار الإسرائيلية إلى تحول عن سياسة حكومات «الليكود» في موضوع الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.
الدولة الفلسطينية هي عقد الحل في «حل الدولتين»، ومسألة القدس هي عقدة حل الدولة الفلسطينية، وهل ستكون القدس الغربية عاصمة لإسرائيل، بينما القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
إسرائيل تعارض حتى إعادة افتتاح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، كما تفكر إدارة بايدن، بدلاً من ضمها إلى سفارتها في القدس الغربية.