بقلم - حسن البطل
بلاش موقع حرف «العين» من حروف اللغة العربية واللغات السامية. كتبت عن هذا في عامنا هذا، فهي أنصع الحروف جرساً وألذّها سماعاً، إن كان حرف «القاف» نطقاً.
هذا عام «الكمكمة» عالمياً، فذكّرني بما قاله متّى الإنجيلي: «العين نور الجسد» مصداق ما يقوله الأطباء من أن العين أقرب من الأذن والأنف إلى الدماغ، أو ما يقوله الفلاسفة: رأيت رؤيا العين.
شاعر قال: «إن العيون التي في طرفها حَوَرٌ/ قتلننا ثم لم يُحيين قتلانا» أما ولادة بنت المستكفي فقالت: لو أنني خبّأتك في عيوني/ أبد الزمان ما كفاني».
حرف «العين» يشبه في رسمه العين، ومع الكمّامة يظهر حسن سمات الوجه، خاصة إذا جفن العين يزيّنه حاجب يلائمه في شكل عين لوزية وقوس الجفن.
يحكون عن جمال العين الآسر في شكله الطبيعي، ويزيده جمالاً، إن كان «الماكياج» أو «الميك ـ أب» يلائم شكل العين مع شكل قوس مفتوح للحاجب، أو لنقل إن «الغندرة» هي هذا المزيج المتناسب.
وأنا أقرأ حلقات عن تاريخ الإعلام، للزميل عماد الأصفر، اصطدت هذه المقارنة، في جريدة «الإعلان» 1926: حاجب رفيع جدّاً، كخيوط الحرير، للمسّ ميمي، والحاجب السميك للمسيز بوسكلون، الذي يناسب سعة عينها.
أفضل أن أقول «غندرة» عن الماكياج الجميل، إن كانت الرموش الصناعية، أو «ماسكرا» الرموش غير فاحشة، وكان «تزجيج» حاجبي العين يناسب شكل العين اللوزية وجفونها من حيث سماكته، ومن حيث انحناؤه.
ربما لهذا كانت المرأة البدوية قد تغطي فمها وتبرز عينيها، أو تزيد سعة عينيها بكحل أسود كان يسمى «إثمد».
قلت ذات مرّة، إن للمرأة الفلسطينية العادية عيونا لوزية جميلة، لكن ماكياجها الثقيل أو بالأحرى إسرافها في «الغندرة» يسيء إلى جمال عيونها. أما اللبنانية، مثلاً، فإن ماكياجها الخفيف يزيد عيونها فتنة، دون حاجة إلى طلاء ملون لجفون عينيها، كما تفعل نساء أجنبيات ذات مقلة عين ملونة، الابتسامة الأنثوية تزيد الوجه حُسناً وجمالاً، وكذا تسريحة تناسب شكل سمات الوجه، لكن مع «الكمّامة» هذه يمكنك أن ترى العين تبتسم إغواءً أو فرحاً بسيطاً، أو حزناً، أو حيرة.. فهي كما قال متّى الإنجيلي «نور الجسد» أي كان ما يستر أو ما لا يستر الجسد من ثياب.
للسان في الفمّ لغة ذات جرس ما، لكن للعيون لغة ذات جرس صامت وأكثر بلاغة من لغة اللسان.
يا سيدتي إياك أن تسرفي في «ماسكرا» الرموش، وإياك أن تطيلي الرموش الصناعية، وبالذات إياك أن تسرفي في «تزجيج» حاجبي عينيك، فتبدو نهايتهما شاذة عن انحناءة عيون لوزية الشكل، كأنهما يصيران مرفوعين مثل زبانتي العقرب!
تقول لك إعلانات مساحيق التجميل، إن هذا من أجل «تفتيح» لون البشرة الطبيعي، أو تقول لك، إن هذا من أجل «اسمرار» جذّاب للبشرة الفاتحة، أو تقول لك، إن شفتيك الرقيقتين بحاجة إلى تضخيمهما بـ»بوتوكس».
إن لم تحذري من غواية المساحيق، أو عمليات التجميل، فعليك أن تتجنّبي الإسراف في مساحيق التجميل، التي قد تجعلك مثل «دمية». ماكياج الصباح ليكن خفيفاً، وماكياج المساء ليكن غير ثقيل، ولا حاجة لماكياج الصباح من أحمر قان على شفتيك، وماكياج المساء يكون من لون ظلال الجفون.
حرب مستحضرات التجميل لا تنتهي، ومعها حرب العطورات النسائية، وحرب الأزياء، ويكفي رشّة عطر خفيف خلف صيوان أذنيك، ورشّة عطر أخرى في باطن كفّيك حيث نبض شرايين قلبك.
أنظر إلى النساء، اليوم، وأتحسّر على غياب الفستان، ومعه غياب الخراطة أو «الجونلة»، وكذا البزّة النسوية ذات القطعتين المسماة تايور».
.. لكن هذه «الكمكمة» تزيد سحر العيون سحراً، لأن حرف «العين» أنصع الحروف جرساً، ومع هذه «الكمّامة» فهو ينطق بسحر لغة العيون، أي سحر الأنوثة الحقيقي.
.. مع أقل ما يمكن من «الغندرة»، وحرب مستحضرات التجميل، وحرب العطورات.. وموضة الأزياء في معارض الأزياء الغربية، أو الأزياء البسيطة في الشوارع.
بكرة، أو في غضون أسبوع، سنعرف ماذا سيختار الأميركيون من «غندرة» ترامب أو «غندرة» بايدن.. ويظلّ وجه أميركا قبيحاً في الحالتين.