سري نسيبة و«الواقعية الجديدة»

سري نسيبة و«الواقعية الجديدة» ؟

سري نسيبة و«الواقعية الجديدة» ؟

 صوت الإمارات -

سري نسيبة و«الواقعية الجديدة»

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

البِركة أبعد ما تكون عن السكون، حتى يُقال إن البروفيسور سريّ نسيبة ألقى بها حجراً. دكتور الفلسفة كتب في 12 الجاري: أن ننسى الحلول والمفاوضات «البديل هو الصمود».
زميلان في «الأيام» عقّبا بموضوعية على نسيبة: عبد المجيد سويلم في 17 الجاري، وأكرم عطا الله في 18 منه، وسبقهما في 16 منه الزميل غسان زقطان في «النهار العربي»، بشيءٍ من الشخصانية !
المسألة موضوع النقاش، هي: بين الحلم والاستسلام. الحلم، حسب نسيبة هو حصولنا على كل الحقوق، بما يعني القضاء على إسرائيل؛ والاستسلام هو فشل مشروعنا الوطني في مفاوضات تُفضي إلى دولة مستقلة، وهذا لا يتحقق إلاّ بهزيمة عسكرية لإسرائيل.
للزميل عبد المجيد ملاحظات إيجابية كثيرة على أطروحة «الصمود» لسريّ نسيبة، مع أنها ليست ملاذاً سياسياً بديلاً في تحديد الرؤى والأهداف. الزميل أكرم عطا الله، يرى أن «حل الدولتين» يقع في منتصف الطريق بين الحلم والاستسلام. لماذا؟ لأنه أصبح، بفضل الفلسطينيين، إجماعاً دولياً، وإن كان غير فاعل الآن، لكن على الفلسطينيين المحافظة عليه في الوعي السياسي العالمي.
حسناً، أدخل الفلسطينيون مصطلح «الانتفاضة» إلى قواميس لغات العالم.. لكن «الصمود» دخل القاموس الصحافي العبري، قبل كثير مما طرحه نسيبة بين الحلم (في التحرير الشامل) وبين الاستسلام لفشل مشروع الاستقلال، لأن «فلسطين الماضي اختفت، بعد هيمنة إسرائيل على فلسطين» كما يقول سريّ نسيبة.
هل أفكار بروفيسور الفلسفة مثيرة للجدل، كما يقول غسان زقطان، ويراها «الواقعية الشديدة» أو السذاجة؟
من اقتراحات متناقضة، في رأي غسان، أن خرّيج أكسفورد، وعضو «فتح» سبق وأثار غباراً بعد وثيقة مشتركة له مع «العمّالي»، ورجل الأمن المتقاعد، عامي أيالون، وقت الانتفاضة الثانية، رغم أنها لا تختلف كثيراً عن مبادئ أوسلو، وتلقّى بسببها اتهامات شديدة ومتطرّفة من أجنحة في «فتح»!
حسناً، «أمير القدس» فيصل الحسيني كان أصدر مع عضو مركزية «حيروت» موشي عميراف، وثيقة قبل الانتفاضة حول القدس بالذات، علماً أن نسيبة يرى أن العاصمة صارت بلا قيادة، بعد رحيل الحسيني، كما لا قيادة فلسطينية بعد رحيل عرفات. هذا غير صحيح بعد رفض أبو مازن «صفقة ترامب».
تراجع نسيبة عن وثيقته مع أيالون، والآن يتراجع عن الدولة المستقلة على خطوط 67، كما عن الكونفدرالية مع الأردن. الحقيقة أنها، كلها، كانت مشاريع لمنظمة التحرير. في مرحلة تحدّث عرفات عن كونفدرالية مع الأردن، وفي مرحلة عن كونفدرالية ثلاثية مع الأردن وإسرائيل.. أليس كذلك يا صديقي غسان زقطان؟
شيء واحد لم يتراجع عنه نسيبة، وهو عضويته في «فتح»، التي هي جبهة في مسمّى حركة، ورشح نفسه في مؤتمرها السادس، ببيت لحم 2009، للجنة المركزية.. ولم ينجح، بينما نجح محمد دحلان، ثم طرد لاحقاً وأدين. ما من أحدٍ يطالب في «فتح» بطرد نسيبة!
الواقعية، جديدة أو شديدة، كانت في صلب مواقف شخصيات «فتح» القيادية، مثل خالد الحسن، الذي قال: «كيف أجد نفسي في «فتح» أبو هاجم، وأبو الجماجم.. أبو الليل وأبو الويل».. لكنه قاد الحوار مع أوروبا، منذ قرارها الفلسطيني السياسي في البندقية (إيطاليا).
ما هو «الصمود» وما هو البديل حسب نسيبة؟ أن ننسى الحلول المطروحة، وأن ننسى المفاوضات العقيمة.. وأن «نتمسك بالمنظمة»، وأن نصمد!
الظروف والمعطيات السياسية الراهنة تجعل من الخطأ أن «نرفع سقف توقعاتنا عن واقعنا الزماني» يقول نسيبة. «صفقة ترامب» قد لا تكون هي الآتية، لكنها لن تكون دولة فلسطينية مستقلة، ترفضها إسرائيل، وترفض دولة مشتركة، أيضاً.
ليس صحيحاً أن اقتراحات نسيبة، وتراجعه عنها لاحقاً، كانت من بنات أفكاره، فهو لم يكن في قيادة «فتح» والمنظمة، عندما طرحت مشروع الدولة الديمقراطية عام 1968 أو مشروع السلطة الوطنية والنقاط العشر 1974، أو مشروع الكونفدرالية مع الأردن، والثلاثية مع إسرائيل، ولا عضواً في المجلس الوطني في الجزائر، الذي أصدر بيان استقلال دولة فلسطين.. لكنه كان نشيطاً في قيادة الانتفاضة الكبرى الأولى، مع فيصل الحسيني، الذي أدار الصراع المقدسي من «بيت الشرق».
بعد السلطة الوطنية، كنت قد كتبت مؤيداً مشاركة المقادسة في انتخابات بلدية القدس لا الكنيست، وزارتني في «الأيام» قيادة «فتح» في القدس معترضة على ذلك، فشكوت إلى عضو اللجنة المركزية المرحوم «صخر» الذي قال إن هذا رأي فيصل الحسيني وآخرين في «فتح».
«الصمود» ليس من اختراع نسيبة، وتبدلات رأيه ومواقفه كانت تبعاً لسياسة «فتح» ومنظمة التحرير وبرامجها. لا أعرف بماذا تحدّث نسيبة عن «واقعية» خلال تدريسه طلاب جامعة بيرزيت، الذين تهجّم بعضهم عليه، وشجُّوا رأسه. آنذاك كتبت في «فلسطين الثورة» ـ قبرص ضد ذلك، فاحتجّ بعض طلابها على ما كتبت.
ينهي نسيبة مقالته موضع الجدل، بأن علينا أن نتمسك بوحدة شعبنا، وهويته، وروايته، ونتمسك بمنظمة التحرير بعد إعادة بنائها.. ولكن قد تجد نفسها في مأزق الاضطرار للتعامل مع الضغوط السياسية، وقد تُذعن لها بمبرر أو بآخر، فإن حصلت اتفاقات، أو لم تحصل تبقى الأولوية تثبيت أقدام شعبنا في أرضه، وأن يتمسك بأرضه، وبما لديه.. فليست من مقاومة أشرف وأكفأ من ذلك، ليكون متأهّباً في مستقبل ما لطيّ صفحة مؤلمة من تاريخه ويربح البقاء، العودة.. والمساواة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سري نسيبة و«الواقعية الجديدة» سري نسيبة و«الواقعية الجديدة»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates