لكن أفغانستان «قلب آسيا»

.. لكن أفغانستان «قلب آسيا»!

.. لكن أفغانستان «قلب آسيا»!

 صوت الإمارات -

 لكن أفغانستان «قلب آسيا»

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

منتصف سبعينيات القرن المنصرم، اكتمل «قمر فيتنام» بتحرير سايغون بالقوة؛ أول العقد الثاني من الألفية الثانية، سقطت عاصمة أفغانستان دون قتال. يعقدون مشابهات بين هزيمتين أميركيتين، وبين جلاءين فوضيين الأول في مبنى السفارة في سايغون والثاني في مطار كابول؟
فيتنام كانت في طرف قارة آسيا الشرقي، وأمّا أفغانستان فهي في قلب قارة آسيا.. ومن ثم، فمن آخر حدود الصين غرباً حتى الأناضول تغيرت نظم دول آسيا، فقد كانت تركيا أتاتوركية علمانية، وكانت إيران شاهنشاهية، وصارت جمهورية إسلامية، والآن، تشكل حزام دول ذات نظم إسلامية، من الباكستان، أولى الجمهوريات الآسيوية الإسلامية، ومن غرب الصين، حيث أقلية الإيغور المسلمة إلى ساحل البحر المتوسط، حيث نفوذ إيران في العراق وسورية ولبنان.
كانت أفغانستان إحدى الدول المعزولة في العالم إبّان حكم الملك محمد ظاهر شاه، كما هو حال اليمن الإمامية، وألبانيا الشيوعية تحت حكم أنور خوجة، وصارت إيران الإسلامية شاغلة الدنيا، والآن، صارت أفغانستان شاغلة الدنيا، ونسي العالم ألبانيا الشيوعية، كما ألبانيا بعد الشيوعية.
يقولون، إن أفغانستان هي مقبرة ثلاث إمبراطوريات، البريطانية، ثم السوفياتية.. والآن الأميركية. لندن لا تنسى هزيمتها في ممر خيبر الشهير، وروسيا السوفياتية فكّت عزلة أفغانستان الدولية، مع انقلاب الشيوعي بابراك كارمال، الذي فتح نوافذ بلاده على العالم، وعلى صراعاته وحروبه، لكن موسكو هُزمت في أفغانستان، قبل هزيمتها في برلين، عندما أثارت في أفغانستان حرباً بين الإسلام والشيوعية، بدعم حركة طالبان الإسلامية المتشددة والمتزمتة، باسم الجهاد الإسلامي، الذي استقطب «مجاهدين» من أصقاع دول العالم، خاصة من دول الخليج.
في زمن آخر ملوك أفغانستان، الشاه محمد ظاهر شاه، قرأت في مجلة «ريدز داجيست» الأميركية تحقيقاً يفسر جانبين من عناد الأفغان ومهارتهم، وكذلك من أسباب تزمتهم في دين الإسلام، بدلالة أسمائهم الغريبة: من ذبيح الله، إلى أمر الله، إلى محب الله.. إلخ.
في ممر خيبر اجتازت عربة جيب «لاند روفر» الممر، واصطدمت بصخرة هشّمت مقدمتها. ما كان من سائقها الأفغاني إلاّ واستطاع بضربات الحجارة تجليس ما تهشّم من بدنها، ثم خلط حفنة من تراب معين، بهشيم نبات صحراوي، وسكب ماءً على الخليط الذي صار كأنه لحام من الأكسجين، ما أثار استغراب المستشرق الأميركي.
في أحد كهوف ممر خيبر، التقى المستشرق الذي يجيد لغة الباشتون برجل أفغاني معتزل، صائم الدهر، بعيد عن النساء.. الذي يعيش على أمل يوم النشور، ليتمتع في حياته الأخرى، بما حرم نفسه من الحياة الدنيا.
دار حوار بين المستشرق والمعتزل، الذي سأله: لكن دينك يقول: لا تنسى نصيبك في الحياة ومتاعها.. افترض أنه لا يوجد نعيم في الحياة الآخرة. قال المعتزل: أنا مسلم.. ولا أفترض ما يخالف إيماني. قال المستشرق: افترض أنك في يوم القيامة وجدت جموع البشر تذهب إلى الجنة، سواء آمنوا بها في الحياة الدنيا.. أو لم يؤمنوا؟ أطرق المعتزل مليّاً ثم قال: آنذاك سأدرك أنني قد خُدعت!
تنوي حركة طالبان بناء إمارة إسلامية تضاف إلى خمس دول إسلامية تحيط بها، وكذلك أقلية إسلامية تجاورها شرقاً في الصين، وشمالاً دول إسلامية كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي، وغرباً الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
هكذا سيتشكل ما يشبه حزام دول إسلامية، بعضها كإيران يغلب عليها المذهب الشيعي، بينما أفغانستان يغلب عليها المذهب السنّي، كما هو حال الجمهوريات الإسلامية التي كانت سوفياتية شمالاً، فهي إمّا ذات غالبية شيعية أو غالبية سنّية.
كيف ستكون علاقة إيران الإسلامية الشيعية مع أقلية سنّية في بلادها، وعلاقة أفغانستان مع أقلية شيعية، وعلاقة إيران مع أفغانستان ذات الإمارة الإسلامية، وعلاقة الصين مع أقلية الإيغور، ثم علاقتها مع أفغانستان الجديدة.
هل ستقيم أفغانستان علاقة دولة مع دول جوارها الإسلامية، أم علاقة مذاهب إسلامية بأخرى خاصة أن طريق الحرير الجديد، أو مشروع «الحزام والطريق» الصيني يمرّ بأفغانستان في شعبته البرية، إلى شعبته البحرية وتصلان إلى أوروبا.
صارت فيتنام الجديدة الموحدة صديقة تجارية للولايات المتحدة، بينما لم تصبح إيران التي كانت صديقة للغرب أيام إيران الشاهنشاهية صديقة له لا تجارياً ولا سياسياً.
رجال الطالبان المعمّمون والملتحون، وذوو الملابس الغريبة، الذين ينتعلون الصنادل ويمتطون في غاراتهم الدراجات النارية، ألحقوا هزيمة بالولايات المتحدة.
.. لكن منذ فتح بابراك كارمال نوافذ أفغانستان على العالم، يصعب على حركة طالبان المتزمتة إعادة إغلاقها.
رفعوا راياتهم البيض التي تحمل عبارة الشهادتين في الإسلام، مع أن العلم الوطني لأفغانستان عليه ذات العبارة، سوى أنه ملوّن بثلاثة ألوان.
أقامت تركيا الأردوغانية نموذجها في الديمقراطية الإسلامية، كما أقامت إيران نموذجها الخاص في الديمقراطية، وتقول طالبان، إنها ستقيم نموذجا ثالثا. تركيا الجديدة لم تغير علمها الوطني، بينما إيران غيّرته، وكذلك فعل النظام الجديد في أفغانستان.
ربما يتذكر البعض أن جمال الدين الأفغاني كان رجل تنوير ونضال معاً في دول ساحل المتوسط، في أواخر القرن التاسع عشر، خاصة في مصر.

حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 لكن أفغانستان «قلب آسيا»  لكن أفغانستان «قلب آسيا»



GMT 17:50 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

عودة الجغرافيا السياسية: حرب أوروبا

GMT 20:10 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السم بالتذوق

GMT 20:03 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مراهنات خطيرة في السودان

GMT 19:59 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الحرب الأهليّة في تأويل «حزب الله» لها

GMT 19:55 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية... الحقبة الخضراء

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates